على الرغم من النجاحات التي حققها قطاع التمويل الاسلامي على مستوى واسع في عملياته المختلفة والتي بدأت منذ أكثر من 40 سنة، فإنه لا يزال يحتاج إلى مراجعات مدققة خاصة فيما يتعلق بمسألة المخاطر المتعددة التي تواجهها صناعة المصرفية الاسلامية. إنّ هذا القطاع لا يزال يفتقر إلى معايير جيّدة لإدارة المخاطر وتقييمها، فضلا عن افتقاره لأدوات الحد من المخاطر المطلوبة والتي تتيح له التنافس على مستوى يتكافأ والمصارف التقليدية، وذلك بخلق أفضل التطبيقات التي تمكّن المصارف الإسلامية من ريادة العمل المصرفي والتمويلي والاستثماري والتجاري. وهذه المخاطر تحتاج إلى الالتزام باستحقاقات معينة، منها الامتثال للشريعة ومخاطر السيولة والائتمان والمخاطر التشغيلية والتنظيمية، وذلك لأنها ذات تأثير كبير على استدامة الاعمال فضلا عن أنها تشكل مصدر القلق الكامن في هذا القطاع. وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى ابتداع آليات عمل تحدّ من هذه المخاطر وتوفّر الرؤية الواضحة حول اتخاذ التدابير التي تخفف من حدتها، وهذا لن يتأتى إلا من خلال العمل الدؤوب على تعزيز حوكمة المخاطر في التمويل الإسلامي وتعزيز استراتيجيات إدارة المخاطر ومناهجها لتتماشى مع متطلبات التشريعات القانونية والهيئات الناظمة، وذلك لتوفير هيكيلة وإدارة فاعلة لاستراتيجيات حوكمة المخاطر. كذلك تبرز الحاجة لتطوير المهارات في التمويل الإسلامي، وذلك من خلال تطوير المواهب واستبقائها في قطاع يشهد تغيرات متعددة، والاجتهاد في مسألة تعزيز الرأسمال البشري وكفاءته في القطاع المالي وسبل تعزيز تنمية المهارات، وكيفية تمكين العاملين في التمويل الإسلامي حتى يضطلعوا بدور كبير في المساهمة بتنمية هذا القطاع في مختلف عملياته. وتبقى دائما مسألة التدريب والبحوث في الوقت المناسب لمواجهة التحديات التي يواجهها التمويل الإسلامي العالمي في اليد العاملة هي المحك الرئيس، إذ ليس من أمر يعزز ذلك أكثر من تعظيم المشاركة والتفاعل من مختلف الأطراف المعنية بمعرفة وتدريب وتطوير المهارات في قطاع الخدمات المالية الإسلامية. وكل ذلك يضاعف من مسؤولية المصارف الإسلامية، والمؤسسات والكيانات المعنية بصناعة التمويل الإسلامي، وضبط معاييرها، حتى تتمكن من خلق بيئة صديقة للحوار بين تلك الجهات وواضعي المعايير والممارسين بهدف الاتفاق على كيفية التقارب في وجهات النظر ومواجهة الصعوبات والتحديات في قطاع التمويل الاسلامي.