إن الاتجاه العام للدولة نحو تنويع الاقتصاد أمر محمود وتعمل عليه بخطى ثابتة ويستوجب التعاون في أمره من قبل القطاعين العام والخاص، وتوظيف إمكانات ومقومات السوق السعودي ببرمجة تحقق أكبر منفعة بأقل تكلفة، وهي استراتيجية حكيمة تؤمن بوضع المملكة الاقتصادي القوي لئلا ينزلق في مخاطر الاعتماد على مصدر واحد كالنفط على سبيل المثال. وهناك مؤشرات مهمة بذلت فيها بعض الجهات جهودا مقدرة، كوزارة الخارجية ومن بعدها وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاقتصاد والتخطيط، حيث نظمت مؤتمرات غاية في الأهمية والمسؤولية كمؤتمر الاقتصاد القائم على المعرفة الذي هو حديث الساعة حاليا، وأحد أهم محركات ومحفزات النشاط الاقتصادي بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا وأنجبته دور العلوم. ومثل هذه المؤتمرات تكمن أهميتها فيما خرجت به من توصيات جديرة بالاهتمام ومن شأنها رسم خارطة طريق نحو أسلم الوسائل لتحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة، لكن يبقى الأهم من ذلك وهو العمل على هذه التوصيات وإنزالها على أرض الواقع بشكل عمليا لجني ثمارها في تنويع الاقتصاد وزيادة انتاجيته وتنافسيته. لكن الآلية نفسها والمطلوبة لترجمة هذه التوصيات التي هي - بالتأكيد - أسهمت فيها نخبة من خيرة العلماء والخبراء في المجالات المختلفة، تحتاج لإخضاعها لمؤتمر خاص يساهم فيه الخبراء أيضا من ذوي الاختصاص والتجارب العالمية المشهود بالكفاءة العالية والتنافسية الكبيرة، لتشخيص مدى ملاءمة هذه الآلية لترجمة هذه التوصيات وجني ثمارها في أسرع وقت وبأقل تكلفة. حقيقة إن بعض دول العالم من حولنا والمتسارعة تنمويا، بدأت تفهم اللعبة وتطور نفسها وتأقلمها على مواكبة التطورات والمستجدات، وأخذت تبحث عن أفضل الطرق اللازمة لمعالجة وضعها بمثابرة، من حيث تنويع الاقتصاد وكفاءة الإنتاج وزيادة تنافسيتها. واستفادت من التجارب الكبيرة لبعض الدول الكبرى، في تحولها للاقتصاد القائم على المعرفة، فنجحت في حجز موقع متقدم لها بين الدول المتقدمة. أعتقد أن المملكة لما تتميز به من مقومات اقتصادية كبيرة وسوق متين وحركة تجارية وصناعية نشطة، وموارد نفطية وغير نفطية، جديرة بأن تعمل من أجل جني ثمار التوصيات التي تهدي إلى طريق التحول للاقتصاد القائم على المعرفة، وزيادة تنافسية منتجاتها وإنتاجيتها وكفاءتها وجودتها، وتبقى العزيمة والإرادة التي توفرها القيادة الرشيدة خير داعم لتحقيق ذلك.