بدأت الدول المجاورة للعراق - ومن ضمنها المملكة - تحصين حدودها واتخاذ التدابير لمنع أية محاولة لمد الفتنة في العراق إلى أراضيها، وذلك يعبر عن أن الحالة العراقية وصلت إلى مرحلة خطيرة ومتأججة، والفتنة قابلة للتضخم، ثم الانفجار. ويمكن للساسة العراقيين - ببساطة - إطفاء الفتنة وإنقاذ بلادهم وإسداء خدمة للبلدان المجاورة ووضع العراق على طريق السلام والاستقرار، إذا عمدوا إلى اجراءات منطقية وواقعية وعاقلة، أولها: طرد رئيس الوزراء نوري المالكي، وتعيين شخصية أخرى بديلاً عنه. لأن المالكي زاد النصوص الدستورية والقانونية سوءاً وتعسفاً واستغلالاً ووظفها لخدمة رعاته الخارجيين، وأعاد العراق مئات السنين إلى الوراء، واجتهد في زرع بذور الفتن والحرائق في كل أنحاء العراق. وأصبح العراق الآن مرجلاً يغلي بالحروب والدم وعلى وشك أن يختتم كل هذه المأساة بتقسيم يجعل العراق قطعاً وأجزاء كل منها تحت رحمة دولة جوار. ثانيها : يجب على العراقيين، إذا أرادوا خيراً لوطنهم وسعادة لمواطنيهم، أن يعيدوا النظر في النصوص الدستورية والقانونية التي أوصلتهم وبلادهم إلى هذه الحالة المزرية، ويجروا معالجة عقلانية وواقعية، بحيث ينقون دستورهم وقوانينهم من كل المواد والنصوص التي جرى استغلالها لتهميش المكون العربي في العراق واستهدافه والغائه. حتى لم تجد القبائل العربية إلا أن تنتفض وتتحدى أولئك الذين ظنوا أن بإمكانهم أن يتحكموا في العراق، ويستعبدوا العراقيين أهل الشجاعة والنخوة والرجولة، وأن تجرى مصالحة وطنية حقيقية وشاملة، وأن تحجم الأذرعة الإيرانية - بالذات - عن المساس بالهوية العربية وحقوقها. وحذرت القبائل العربية رئيس الوزراء والمسئولين العراقيين من مغبة الانخراط في ألاعيب طهران ومخططاتها في العراق للنيل من الهوية العربية. وبدلاً من أن يعيد رئيس الوزراء والشخصيات النافذة في العراق النظر في السلوكية التي تمارسها المليشيات الحكومية، وبدلاً من أن يرعوي استمرت الحكومة العراقية في تهوراتها وخططها الحربية ضد العرب، بل بدأت شن حرب شعواء ضد تجمعات مدنية تطالب بالكرامة، وجعلت من الندوات السلمية هدفاً للطائرات الحربية والمدافع فسفكت الدماء ودمرت المنازل والمدن والحقول. وبعدما فقدت القبائل العربية أذنا صاغية من المالكي وحكومته والحكومة الأمريكية التي جاءت بالمالكي، ورضيت بأن يكون عميلاً لطهران في العراق ووكيلا على نفوذ إيران وخططها، لم يكن أمام القبائل العربية العراقية إلا الانتفاضة وتلقين المالكي دروساً في الشجاعة والصمود وحتى في الذكاء والتخطيط. المؤسف أيضاً انه في الوقت الذي يواجه فيه العراق مصيراً أسود ودماء تسيل ومدناً تختطف، ونهاية موجعة وتقسيماً تاريخياً، نجد أن برلمان العراق يتعامل مع الوضع ببرود وتغييب كامل لأهمية الأوضاع. حتى أنه كان يود تأجيل الجلسات لمدة شهر كامل وترك الأوضاع المتفجرة كما هي تتفجر وتغلي وتذبح في العراقيين في الصباح والمساء، بينما الأوضاع تستدعي التصرف وعقد الاجتماعات والسعي الحثيث لوقف الحرائق التي تلتهم العراقيين وتشتعل في أنحاء العراق.