يحل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضيفاً كريماً عزيزاً على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمملكة ومواطنيها. وزيارة الرئيس المصري ليست زيارة عادية؛ نظراً للثقل الذي تتمتع به المملكة ومصر على المسرحين العربي والدولي. ويشكل البلدان محور الارتكاز لاستقرار الأمة العربية وصمودها أمام الرياح التي تهب عليها، والحرائق التي يشعلها الشريرون وحلفاء الشيطان في المنطقة وخارجها. ولأن المنطقة تواجه الكثير من الاضطرابات والتدخلات السافرة المستهينة بالأمة العربية، فإن لقاء المملكة ومصر أصبح ضرورياً للتكاتف في مواجهة الأخطار، خاصة بعد أن خرجت مصر من أخطر الظروف التي مرت بها منذ نكسة 1967، بفضل الله، ثم بفضل جيشها وقادته الأفذاذ، وبفضل الدعم الفوري والوقفة الشجاعة التي وقفها خادم الحرمين الشريفين؛ لتنجو مصر من فتنة، أدركنا لاحقاً أنها مخطط رهيب كان مصمماً لأن يضرب مصر «عمق الوطن العربي وعموده الفقري»، وربما ليكمل لاحقاً على المملكة، وعلى الدول الأخرى الآمنة، بعد أن نشر الاضطرابات والفرقة والحرائق والدماء في العراق واليمن وليبيا. أمام المملكة ومصر تحد صعب، يتمثل بمحاولة إنقاذ الشعوب العربية في العراق وليبيا واليمن وسوريا، وإعادتها إلى الاستقرار، بمكافحة قوى الشر والأصابع الأجنبية، التي استمرأت لعب التدخل وانفقت أموالاً طائلة؛ من أجل تدمير هذه البلدان العربية فقط، لتلبي أطماع التوسع الشرير. والمملكة بلد مستقر، ويلتف المواطنون حول قيادته بأروع صور التلاحم، وخرجت مصر من النفق المظلم، وهي الآن تستعيد دورها التاريخي في صناعة الأمن والأمان في ربوع الكنانة وفي الوطن العربي، والدول الخليجية والحمد لله بخير وطمأنينة، ولم يبق أمام المهمة السعودية المصرية إلا العمل من أجل إعادة الاستقرار إلى البلدان العربية المضطربة. في العراق، يتعين أن ينتهي التدخل الإيراني العابث، الذي لم يهتم إلا بزرع الفتن والاضطرابات في العراق، وضرب المكونات ببعضها ونشر الشقاق والعداوة بينها، وتشكل حكومة وطنية عراقية تجمع العراقيين تحت دستور وقوانين عادلة، تمنح الجميع العدالة والمساواة، ومصالحة وطنية حقيقية، وألا يستخدم الجيش وقدرات الدولة العراقية لمحاربة طائفة على حساب أخرى. وفي ليبيا، يتعين أن يوقف عبث الموت وحروب الأحزاب والعصابات، وأن تتشكل حكومة قوية وقادرة وعادلة، تطمئن لها كل القبائل والمناطق الليبية؛ كي تنهي حالة الاحتقان، وأن تنتهي ليبيا من كونها أداة تفريخ للقوى الخارجة على القوانين والمهددة لليبيين وجيرانهم. وفي سوريا، يجب أن يوضع حد للتدخل الإيراني والميلشيات المتعددة الجنسيات، التي تجلبها إيران لمفاقمة الأوضاع في سوريا، وأن يعترف نظام الأسد أنه لن يمكنه ارغام السوريين على الخضوع له ولرعاته في طهران مجدداً، كما أن الدماء التي أراقها لا تسمح له بأن يستمر على رأس السلطة في سوريا، مهما كانت حججه وخدعه وتلوناته، وأن تشكل حكومة انتقالية تخرج سوريا من ظلم النظام وظلامه وحرائقه ودمويته؛ ليعيش السوريون بكل مكوناتهم إخوة متحابين ويتفرغون لتضميد جراحهم، وإخراج وطنهم من الرماد؛ ليبدأوا مرحلة بناء، تتطلع إلى مستقبل زاهر في أرض الشام الأبية الصامدة.