واقع مؤلم أوجده التفرق وأفرزته الخلافات التي أوجدت بؤراً بركانية مشتعلة مزقت شمل الأمة وما بقي من أشلائها وفتت وحدتها الوطنية وانتماءها العربي. وحدة الشعوب، ووحدة الحكومات، ووحدة الأمة العربية والإسلامية فرض أوجبه الكتاب والسنة، ولم تكن خيارا استراتيجيا للضرورة، بل أصلا من أصول الدين، وقاعدة من قواعده العظمى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. ومع تشتت الأمة في هذا العصر وتفرقها أصبحت الوحدة العربية والإسلامية أمرا محتما يجب أن تبادر إليه كل الدول العربية والإسلامية بشكل جدي وعام. فقد دعا إليها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فعسى أن تتضافر كل الجهود وتكلل بالنجاح، فالوحدة دعوة القرآن الكريم لا بد أن تعلو وترتقي وتسمو لأنها دعوة حق. وكل دعوة غيرها دعوة مصالح مغرضة مبدأها "فرِّق تسُد" مبدأ تمزيق الأمة الإسلامية وبث بذور الفرقة لتشتيتها. وبالاتحاد تضيع الفرص على أعداء الأمة الإسلامية "أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ". فالناظر إلى أحوال المسلمين اليوم يجدهم أحوج ما يكونون للتمسك بالجماعة ووحدة الكلمة لاستعادة الترابط الإسلامي ووحدة الصف. في سورياوالعراق إخوة يقتل بعضهم بعضاً شغلتهم الحروب فأنستهم وصايا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام للمسلمين ونهيه في خطبة الوداع. "إن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا هل بلغت؟ اللهم فاشهد" فما أكبرها شهادة وما أعظمها فقد أشهد الرسول ربه على كل مكابر شهادة تزلزل الجبال. دماء تسفك، وأرواح تزهق، وأرحام تقطّع، أفلا يتدبرون القرآن الكريم أم على قلوب أقفالها، قلوب مقفلة لا تعقل ولا تتدبر ، جميعهم يربطهم رباط واحد ، مسلمون موحدون فلماذا يتقاتلون؟!!. يذبحون ويشردون وكأن من يذبحونهم ويشردونهم حشرات!! الوضع في العراق بالغ الخطورة يحمل في ثناياه نذر حرب أهلية طائفية لا يمكن التكهن بمداها وانعكاساتها على المنطقة !!. والأخطر أن تمتد نيرانها إلى دول الجوار بعد أن تأكل العراق وتلتهم ما بقي من سوريا، أرجو من عقلاء هذه الدول احتواء الطائفية قبل أن تتفاقم وتنتشر. يا لسخرية الزمن!! فبدلاً من الاهتمام بقضية المسلمين الكبرى تحرير القدس الشريف وفلسطين من براثن أعداء الإسلام ننشغل بالتقسيم وبالطائفية مع أننا إخوة ديناً وعروبة. لنتحد حتى لا نحتاج للمجتمع الدولي أو التدخل الأجنبي ليحل مشاكلنا التي لا داعي لها وليس ذلك مستحيلا. فقد وحد الإسلام العرب وهم قبائل متناحرة في الجاهلية وكلنا يعرف مفهوم الجاهلية ، ألف الإسلام بين قلوبهم ووحدهم، ونحن في عصر العلم والحضارة وندين بالإسلام منطقتنا العربية والإسلامية للأسف مجزأة، وقد كانت موحدة في الماضي فلماذا لا نعود كما كنا موحَدين !! {وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَ0تَّقُونِ}. الوحدة علاوة على كونها واجبة بنصوص القران الكريم والسنة المطهرة، إلاّ أنها هدف كل مخلص أمين ولن تتحقق بغير جهود الجميع في كل مكان، يشهد التاريخ أن سبب سقوط الدول في السابق وتحولها إلى دويلات التفرق والخلافات والانقسامات التي مزقت جسدها، فبالوحدة - بعون الله - ننتصر.