دع حنينك منتظرا مثل جدار كاد ان ينقض.. مثل ماء لا يرى شجرا.. مثل رماد فقد الذاكرة بما كان.. مثل هواء أعمى فلا أحد في البيت.. دع حبك يتسكع بين ضلوعك.. بين الشرايين التي ترمدت .. دعه لا يتلفت فلا أحد في البيت. أيها الفرح الذي كان يسير مزهوا بين الحجرات.. على الموائد.. على طرقات الباب.. اذهب حيث شئت فلا أحد في البيت. وأنت أيها الباب كانت موسيقاك بشائر بالمواعيد .. بمواسم اللقاءات.. وكنت منتشيا كصديق للأبدية.. لماذا أصبحت ابكم القلب واللسان؟ أراك تقول باكيا: لأنه لا أحد في البيت. كنت انتشي بزرقتك المتبرجة أيها البحر .. بشدو أمواجك الشاعرة.. لماذا أراك راجفا خجلا حين ألقاك ؟ لماذا تغضن وجهك ودخلت مسرعا الى حظيرة الشيخوخة ؟ لماذا أرى موجاتك مثل حجارة رجم متلاحقة ؟ لك ما شئت يا بحر فلا أحد في البيت. أما أنت أيتها المكتبة، فأنا أعشق الغبار الذي يتأبطك كتابا كتابا. لقد كنت أبحث فيك عن المعنى.. أما الآن فماذا أصنع بالمعنى ولا أحد في البيت. أيها الفرح الذي كان يسير مزهوا بين الحجرات.. على الموائد.. على طرقات الباب.. اذهب حيث شئت فلا أحد في البيت. وأنت أيها الباب كانت موسيقاك بشائر بالمواعيد.. بمواسم اللقاءات.. وكنت منتشيا كصديق للأبدية.. لماذا أصبحت أبكم القلب واللسان؟ قل لي أيها الزمن: هل أستطيع أن أتنفس القهقري. إن أنفاسي الآن تجهل التكرار. لقد أصبحت أنفاسا صناعية مثل زهور الآنية، إذ لا أحد في البيت. أيها الشعر المتواري مثل عورة: لماذا تلوح لي الآن؟ لقد انقرضت اللغة.. فما الذي يجعلني انتصر على غيابك ولا أحد في البيت؟ وهذه الحديقة المنتظرة حول بيتنا ها هي تنادي .. تريد أن ترى من تفشي له عطرها.. تريد من تساقط عليه بسمات إخضرارها.. إنها تتلفت تعول .. ولا أحد في البيت. إن غدا هوة لناظرها تكاد فيها الظنون ترتعد أظل في عمقها أسألها أفيك أخفى خياله الأبد. هكذا قال ابراهيم ناجي .. فماذا أقول أنا ولا أحد في البيت؟