لا يمكن للشعر الجميل والراقي إلا أن يصل لجمهور عريض.. ولا يمكن للنقد الجاد إلا أن يحترم القصيد المكتمل بمعناه وبمفرداته وبصوره وبمشهديته.. لكن مَن هو صاحب ذلك القصيد؟ ومَن الشاعر القادر على إنتاج نصِّ لا يختلف عليه النقاد؟، هذا ما سوف تكشف عنه الاختبارات التحريرية لشعراء قائمة ال 100 التي تجريها لجنة تحكيم برنامج «شاعر المليون». وقد أوضحت أكاديمية الشعر التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث المنتجة للبرنامج الشعري المعروف «شاعر المليون»، أنّ لجنة تحكيم المسابقة واللجنة الاستشارية في الدورة الخامسة من المسابقة قد قرَّرتا إضافة اختبارات جديدة لشعراء قائمة ال100 التي تمّ الإعلان عنها مؤخرًا، وبالتالي فإن مَن استطاع تخطي تلك العتبة فقد أصبح طريقه إلى شاطئ الراحة أقصر ضمن قائمة ال 48، لكنه بالتأكيد أصعب. برنامج «شاعر المليون» سوف ينطلق فعليًا على الهواء مباشرة مساء يوم الثلاثاء القادم الموافق 3 يناير 2012 ولمدة 15 أسبوعًا مُتتاليًا، يسبق الحلقة المباشرة الأولى مؤتمر صحافي تعقده هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ظهر يوم الاثنين الموافق 2 يناير 2012 في فندق أنتركونتيننتال أبوظبي، تكشف فيه عن آليات التأهل وجديد البرنامج. ففي مسرح أبوظبي الوطني التقى شعراء قائمة ال 100، وكانوا على موعد جديد مع الشعر، لكن هذه المرة ليس إلقاء فقط، إنما كتابة أيضاً، وفي بداية الحلقة التسجيلية الأخيرة عرضت كاميرا المسابقة مشاهد ولقطات للشعراء وهم في بهو المسرح بانتظار اللحظة التي سيخضعون فيها للاختبار، وقد كانوا على أتمّ الاستعداد من أجل خوض خطوة باتجاه المستقبل، ومن أجل الوصول إلى منبر «شاعر المليون»، وأخيرًا وهو الأهم بالنسبة إلى أغلبيتهم الحصول على البيرق وتمثيل بلادهم أجمل تمثيل. في مشهد آخر ظهر الشعراء والشاعرات وهم على المقاعد يخضعون لأول اختبار تأهيلي، فبدو وكأن الزمن عاد بهم إلى المدرسة، وإلى امتحاناتها الكتابية، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. ومن قاعة الاختبار انتقلت الكاميرا بالمشاهد إلى المسرح، حيث كان على كل شاعر خلال الحلقة حين يعتلي الخشبة أن يقدّم أفضل ما لديه من لغة فكرية ولغة جسدية، خصوصاً أن مسابقة «شاعر المليون» منذ انطلاقتها أكدت ولا تزال على أهمية الحضور المسرحي، إذ لم يعد يكفي الشاعر في المسابقة عدّ قصيده وتجاهل الأداءين الصوتي والحركي، وحسب القوانين الجديدة للمسابقة فقد أصبح للإلقاء أهمية لا يمكن إغفالها، وذلك كي يصل النص بشكل جميل إلى المستمع، لأنه كلما كان الإلقاء متميّزاً أوفى الشاعر النص حقه، والجمهور فرصته للاستمتاع بما يُقدّم. وكانت مهمة أعضاء اللجنة المكوّنة من د.غسان الحسن، سلطان العميمي، حمد السعيد، بدر الصفوق، وتركي المريخي شاقة؛ لأن المتنافسين قدَّموا مستوى شعريًّا عاليًا، كما كان حضورهم لافتَا، خصوصًا أنهم سواء كانوا قد شاركوا في دورات سابقة أم لم يشاركوا إلا في هذه الدورة التزموا بتوجيهات اللجنة، التي تركّز بشكل دائم على أهمية أن يطوّر كل من يُقرض الشعر النبطي ذاته، ثقافيًا وشعريًّا وأدائيًا، فمن شأن ذلك أن يصنع شعراء أفذاذًا. أما من جهة لجنة التحكيم واللجنة الاستشارية – ووفقًا لبيان صحافي صادر عن أكاديمية الشعر - فقد كانت لها عدة أهداف أهمها: استكشاف مناطق إبداعية جديدة لم يتم الكشف عنها، والدقة في الاختيار، واستقراء بعض الجوانب الثقافية عند المتنافسين، ومن ثمّ منحهم الدرجات بناء على معايير محدّدة، والتي اعتبرتها اللجنة المنقذ الوحيد لها، في ظل تقارب المستويات الشعرية، والإبداعات الشعرية الواضحة، والحضور المسرحي اللافت الذي كان النقطة الفارقة بين شاعر وآخر، إلى جانب نقاط أخرى، وهذا ما دعا أعضاء اللجنة إلى التصريح عن انطباعاتهم الجيدة بالمستويات المتقدّمة والرائعة، حيث قدّم الشعراء أجمل ما عندهم في الاختبارين الكتابي والشفوي وفي الإلقاء. طالت اجتماعات اللجنة التي قدّمت نقدًا بنّاءً خلال الحلقات التسجيلية الأربع الماضية بما يخدم الشعر والشعراء، لكن الأعضاء اختلفوا كما ظهر في الحلقة، وكان النقاش حاميًا بينهم، فمنهم من أجاز شاعرًا ومنهم مََن رفضه، وبعد حالةٍ من التجاذب وصلت اللجنة إلى صيغةٍ نهائية نتجت عنها قائمة ال48 التي ضمّت في صفوفها شاعرة عمانية، وأغلبية من شعراء السعودية والكويت، وقد كان الأمل يحدو اللجنة بإبراز كوكبة جديدة من الشعراء النجوم. بدت مرحلة الاختيار شاقة باعتراف لجنة التحكيم لعدة أسباب، ومنها: تقدّم آلاف الشعراء إلى صفوف المسابقة، وتطوُّر المستوى الشعري مقارنة مع الدورات المسابقة، واشتغالهم على المفردة وعلى الصورة الشعرية، وسكبها في أوزان وبحور لتصل إلى أسماع الجمهور بأفضل ما يمكن، ومن هنا فقد كان انتخاب قائمة ال48 من قائمة ال100 مهمة تطلبت من أعضاء اللجنة بذل جهود كبيرة، خصوصاً وأن شروط الدورة الجديدة لم توضع عبثاً، إنما وُضعت لانتقاء أبرز وأميز الشعراء الذين سيكونون على موعد مباشر مع جمهور الشعر النبطي في شاطئ الراحة اعتباراً من 3 يناير 2012. الجدير بالذكر أن مسابقة «شاعر المليون» ومنذ انطلاقتها سنة 2006 استطاعت تغيير خارطة الشعر النبطيّ، وقد فاز بالمسابقة بموسمها الأول 2006 2007 الشاعر محمد بن فطيس المري من قطر، وفي الموسم الثاني 2007 2008 احتفظت قطر بالبيرق من خلال الشاعر خليل الشبرمي، أما في الموسم الثالث 2008 – 2009 فقد ذهب البيرق للسعودية على يد الشاعر زياد بن حجاب بن نحيت، وفي الموسم الرابع 2009 – 2010 خطف الشاعر الكويتي ناصر العجمي البيرق بجدارة.