منذ أن أعلنت الميزانية والتعليقات الشعبية لم تتوقف ما بين دهشة واعجاب واستنكار وتساؤل، ان لم تكن جميعها سلبية فأغلبها كذلك، هل وصلنا إلى مرحلة من الجهل بحيث نتساءل بقول بعضنا : ما دامت الميزانية ؟ لماذا لا نكون جميعا أغنياء، وكأن الميزانية ستحول إلى جنيهات من ذهب تضعها وزارة المالية في صرر من القماش وتدور لتوزعها على البيوت مصحوبة بالتحية من الملك والوزير !! ماذا نفعل بتلك الصرة لا يهم، المهم أن يرى المواطن أموال الميزانية ذات الأرقام الضخمة بين يديه لو قلت له خذها ولا تطلب مني شيئا بعد ذلك لقال لك نعم لا أريد شيئا !! ولا شأن لك بي حتى لو اشتريت بها أجهزة الكترونية ابث منها سما زعافا ضد الإنسان والوطن. دعونا نرفض كل قول لأحمق وفعل لسفيه لا يقدر اثره على ما هو أهم ظنا منه انها مجرد عبارة ساخرة نضحك عليها وننساها أو عبارة حاقدة تنفث سمه وكفى ..الوطن ليس لنا فقط انه لأجيال قادمة فاتركوه لهم بخير وعافية وأتساءل هل صار الحضور الاجتماعي المفتوح للجميع نعمة أم نقمة وهل لدينا مناعة عقلية او قدرة على الغربلة بين ما يفيد وما لا يفيد.. بين ما يبني وما يهدم مع التأكيد على ان معاول الهدم نسمع صوتها اليوم ولكننا لن نرى فعلها الا بعد حين، وهذا ما نحن في غنى عنه.. ربما اكون اكرر ما قلته سابقا في هذا المقال ولكن الحقيقة ان الموضوع صار مؤرقا جدا وفيه كثير من السلبيات التي لا تتساوى مع حسن النية. أخشى اننا اليوم أصبحنا مثل الذي يفقأ عينه ليشتكي من جاره.. لم ولن يكون التغيير الايجابي يوما إلا عن طريق الفعل الايجابي والقول الايجابي، ان تركيزنا اليوم على السلبيات سيؤثر بالتأكيد على رؤيتنا وعلى خطط العمل لدينا بل وعلى رغبتنا في التغيير.. والدليل اننا صرنا نسمع كثيرا عبارات استسلامية مخيفة مثل : وماذا سنفعل بالعلم ان لم تكن هناك وظيفة فالأولى ترك العلم اذا !! وأخرى تقول : وما الفائدة وثالثة تقول ما تستطيع ان تسرقه اليوم اسرقه قبل ان يأتي غيرك ليفعل !! خيرنا لغيرنا.. وغير ذلك كثير يتردد بين الناس شعرا ونثرا عاميا وبالفصحى لتصل الى الجميع وبكل مستوياتهم والا ما الذي يدعو شابا في المرحلة المتوسطة او الثانوية يردد تلك المقولات، هل يعلم مطلقو تلك الآفات العقلية القولية اثر ذلك كله على هؤلاء الصغار وكيف ان نتوقع وعلى أي حال سيكون ذلك الطفل او الشاب موظفا او مسئولا في الأيام القادمة. حقيقة ان ما يحدث لا يؤلمني فقط ولكنه مؤلم لكل القلوب والعقول المحبة وكل الذين يتميزون ببعد النظر وعمقه، مؤلم لأنه سوس ينخر في علاقتنا بالأرض وبالإنسان ان الخطأ واضح والصواب واضح وما بينهما هوة مخيفة نعمل ويجب ان نزيد من فاعلية أعمالنا وأقوالنا لنتخطاها بعد ان نلقي فيها بذورا للخير والحب والامتنان ونسمح لها بالنمو، دعونا نرفض كل قول لأحمق وفعل لسفيه لا يقدر اثره على ما هو أهم ظنا منه انها مجرد عبارة ساخرة نضحك عليها وننساها او عبارة حاقدة تنفث سمه وكفى .. الوطن ليس لنا فقط انه لأجيال قادمة فاتركوه لهم بخير وعافية.. [email protected]