سمعنا قبل فترة ليست بالقريبة عن فتح حساب اسمه إبراء الذمة. و هذا الحساب خصص لإعادة أي مبالغ تم أخذها من دون حق. سواء بالاختلاس أو سوء استخدام المنصب أو أي مبالغ تم أخذها دون وجه حق. سواء كانت عينية أو نقدية. و تم الإعلان بأنه سيتم التعامل معه بكل سرية و خصوصية. و في البداية لا أعلم لماذا تم أخذ هذه المبالغ دون وجه حق أصلا. أليس ديننا ينهانا عن ذلك؟. و أعتقد أن هذا الإعلان له شقان من الرأي. فالشق الأول يوافق على ذلك و يرى أنه أسلوب جيد لاسترداد أي مبالغ. و الشق الآخر يسأل...ماذا لو أخذ مواطن مبلغ عشرة ملايين ريال قبل ثلاثين سنة. و قام باستثمارها و اشترى بها من العقار و الأسهم. و أصبحت هذه العشرة ملايين...مئة مليون. وعاش عيشة هنيئة و دلل أولاده و زوجته و أقرباءه. و عندما كبر وبدأ تأنيب الضمير قرر ما شاء الله عليه بأنه سيرد العشرة ملايين مع حق الاحتفاظ بالباقي. ثم ماذا بعد ذلك؟. الشق الآخر يسأل...ماذا لو أخذ مواطن مبلغ عشرة ملايين ريال قبل ثلاثين سنة. و قام باستثمارها و اشترى بها من العقار والأسهم. و أصبحت هذه العشرة ملايين...مئة مليون. و الشيء الغريب بأن صندوق إبراء الذمة قد أعلن بأنه تم استرداد مبلغ يقرب من (200) مليون ريال. و هذا المبلغ زهيد لا يساوي جزءا بسيطا مما نسمع عن مبالغ تم أخذها دون وجه حق. و هل نحن في حاجة أن يتمنن علينا مختلس سابق بأنه رد شيئا ليس له أصلا. و الأغرب من ذلك بأننا نسمع عن رد مبلغ بسيط و بعده بيوم نسمع عن اختلاس يوازي عشرات المرات ما تم إرجاعه. أي أننا لا نزال لا نقوم بواجبنا حيال إيقاف هذا النوع من الفساد. وكذلك فإن المواطن لا يجد أي تفسير مقنع عن رشوة أو اختلاس بمبلغ (200) مليون ريال لموظف مسئول تم التعذر له بأنه كان مسحورا أو أن أحدا من الجن جعله يفعل ما فعل. وسؤالي هو.. إذا الرشوة بمبلغ (200) مليون ريال....فكم قيمة الصفقة؟. للأسف الشديد فإنه لا يمر يوم إلا و نسمع عن قيام مسئول بالتعدي على ممتلكات الدولة أو التقصير في إنهاء مشروع أو اختلاس عيني عينك. و من ثم يقال يتم التحفظ على اسمه ويتم كف يده عن العمل... مسكين يكسر الخاطر. و أخيرا هل نحن مجتمع يشجع على الاختلاس و نحترم أصحاب الأموال مهما كان مصدرها. أم أننا تعودنا على سماع هذه الأخبار وأصبح الإنسان الأمين عملة نادرة. [email protected]