يدخل اجتماع قادة دول مجلس التعاون في قمتهم المقررة غداً، قائمة الجداول الحساسة للغاية في أجندة المجلس وقادته، وفي خضم تحديات عديدة ورياح تغيير عاتية. فالقمة التي تعد الأولى في أتون أحداث ما يعرف ب"الربيع العربي" تلتئم لأول مرة في غياب ثلاثة من القادة العرب (بن علي ومبارك والقذافي) الذين تصدروا المشهد السياسي العربي لثلاثة عقود، كما تأتي أيضاً، واثنان آخران (صالح في اليمن والأسد في سوريا) يواجهان رياحا عاتية، حتمت على الأول القبول بالمبادرة الخليجية، والخروج طواعية من السلطة، فيما لا يزال الثاني يمارس القتل ضد شعبه. القمة الخليجية، وهي تواجه هذا التغيير الحاد، بالطبع مثقلة بأجندتها الداخلية، وهموم تحديث بنيتها الذاتية، واستكمال نهضتها، وهي بلا شك عبء ثقيل، لا نشك لحظة في أن حكمة قادة الخليج ستنجح في تخطي هذه الهموم والتعامل مع مفردات المطالب الوطنية بالوعي المعهود، خاصة أن دول الخليج منذ تأسيس اتحادها قبل قرابة ثلاثين عاما، تواجه ضغوط عدم استقرار إقليمي، جعلها بلا مواربة، ضحية تغييرات إقليمية وصراعات دولية، وأطماع غير خفية على هذه البقعة السحرية من العالم. ربما يكون المتغير العراقي الحالي مع تبعات الربيع العربي، والملف الإيراني هي التحديات الأخطر في المعالجة أو في التعامل، والمتغير العراقي تحديدا خاصة بعد الإعلان عن استكمال القوات الأميركية انسحابها من جميع الأراضي العراقية بعد أيام، تنفيذاً للاتفاقية الأمنية، الموقعة بين الولاياتالمتحدة والعراق، في العام 2008. هو الذي سيعيد العراق إلى الدائرة الخليجية، كما كانت، لتجاوز جروح غزو الكويت، وآلام سقوط بغداد. والخليجيون، ككل العرب، ربما يكون العراق سقط سهواً من ذاكرتهم، خلال العقدين الأخيرين بالذات، سيحاولون أيضاً تعويض هذا السهو، وإعادة التئام ما تفتق من جروح، ربما لمعالجة خلل سقوط العراق في براثن الأطماع الإيرانية، وإعادة قيام علاقات متكافئة، بعيدا عن غطرسة القوة التي سادت أيام نظام الرئيس الراحل صدام حسين، وهي للأسف نفس الغطرسة التي يمارسها اليمين الإيراني الحاكم حالياً. القمة جد حساسة للغاية، والأوضاع العربية ملتهبة، والآمال الخليجية طموحة ولا سقف لها، وهذه هي المعادلة التي نثق في أن قادتنا سيتصدون لها بكل توازن.. لتحقيق آمال شعوبنا ومواطنينا. وهذا هو أملنا الكبير.