ليست مفاجئة تصريحات نيوت غينغريتش المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأمريكية عن الفلسطينيين ونعتهم بأنهم مجموعة إرهابيين وبأنهم شعب تم اختراعه. ليست مفاجئة باعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الشريك الاستراتيجي لإسرائيل والضامنة لوجودها والمدافعة عنها طوال تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وبالتالي هي تصريحات تقترب من الحقيقة إذا أخذنا أداء الإدارات الأمريكية المتعاقبة وتنفيذها السياسات الإسرائيلية في المحافل الدولية، ولعل مجلس الأمن شاهد حي على استخدام أمريكا حق النقض المتكرر لأي قرار يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويبرر سياستها القمعية والتوسعية المتواصلة والتي تصل إلى مسألة وجودية بالنسبة لأمريكا. أن تصل الوقاحة بمرشح أمريكي لهذه الدرجة من الاستهتار بالحقوق الفلسطينية والعربية إنما يؤكد على أن أمريكا لم تكن في يوم من الأيام وسيطا نزيها بيننا وبين الدولة العنصرية ولم تكن في يوم من الأيام تقيم أي اعتبار للعدالة أو المبادئ والقيم الإنسانية وكل ما حصلنا عليه طوال العقود الماضية هو أوهام تسوق الرؤية الحقيقية للوجه الآخر المخفي في السياسات الأمريكية وإستراتيجيتها التي لم تغيرها الوقائع والأحداث. الإهانة التي قدمها لنا المرشح الأمريكي يجب أن تثير مخاوفنا وتحفزنا على رؤية الواقع بطريقة صحيحة وأن ننعش ذاكرتنا بما قدمته أمريكا لنا كعرب في العقود السابقة وما يمكن أن تقدمه في السنوات المقبلة، وعلينا أن نزيل الغشاوة من عيوننا بأن أمريكا ستتفهم في يوم ما عدالة قضيتنا، لأن إسرائيل بالنسبة لأمريكا أهم والمقارنة واضحة وكل ما نطلبه هو إعادة النظر في الآمال التي علقناها عليها خصوصا إذا نجح مثل هذا المرشح في الوصول إلى كرسي الرئاسة ونفذ رؤيته بأن الفلسطينيين شعب إرهابي وتم اختراعه وكأنه لا يقرأ التاريخ جيدا بأن إسرائيل هي دولة مصطنعة جمعت شتات اليهود في العالم لتحتل أرضا عربية بمساندة الإمبراطورية البريطانية والقوة الأمريكية. إن جهل التاريخ شيء وتزييفه شيء آخر وإهانة شعب ينم عن صلافة التفكير السياسي وكأن الغاية في الوصول إلى الرئاسة تبرر هذه الوسيلة المرعبة. علينا أن نفيق من الأوهام وندرك الحقيقة المجردة وأن لا نتجاهل حقوقنا في جدل سياسي وننسى المواجهة التي تنتظرنا مع إسرائيل كعدو وجودي مدلل من قبل دولة كبرى لم تكن في أحد الأيام منصفة لحقوقنا التاريخية.