بينما العرب مشغولون بربيعهم العربي وخلافاتهم الحادة تمضي الحكومة الإسرائيلية في سياستها الاستيطانية كمشروع استراتيجي لا توقفه التطورات العربية ولا الإقليمية ولا الدولية وبالتأكيد إسرائيل دولة توسعية تقوم باستغلال كل الفرص والتطورات السياسية لخدمة إستراتيجية التوسع، ولعل الاستيطان وتوسعة المستوطنات على الأراضي العربية المحتلة هدف إسرائيلي لم تحد عنه أي حكومة إسرائيلية. أخطر ما في المستوطنات التي تقوم بها إسرائيل هي التي تجري على أراضي مدينة القدس لغرض تغيير طابعها بصورة مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة من أجل فرض واقع يصعب تغييره. مصادقة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في بلدية القدسالمحتلة على بناء 650 وحدة استيطانية شمال مدينة القدس يمر اليوم على العرب والأسرة الدولية دون اعتراض من أحد أو حتى استنكار على الأقل من باب تبرئة الذات وهذا المشروع يقام ضمن خطة بناء 58 ألف وحدة استيطانية المخطط إقامتها حتى العام 2020م. كلنا يتذكر أن الرئيس الأمريكي أوباما قد دشن حكمه في قضية الصراع العربي/الإسرائيلي بدعوته الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد الاستيطان من قبل إسرائيل في سبيل عقد مفاوضات مع الفلسطينيين وقد استبشر العرب خيرا بالشجاعة الأمريكية لكن سرعان ما اكتشف أوباما ومعه الإدارة الأمريكية أن وعودهم لن تتحقق لأنهم يضعون إصبعهم على أهم جرح عربي وإسرائيل لا تقبل سوى أن تنفذ إستراتيجيتها وجوهر وجودها مما تعطلت معه كافة المفاوضات وذهبت وعود أوباما هدرا واكتشف ضعفه وضعف إدارته أمام حكومة إسرائيلية واللوبي الإسرائيلي في أمريكا، عندها ماتت التسوية وهو الرئيس الذي يريد ضمان ولاية ثانية لإدارته. الرهان العربي على عدالة أمريكا سقط وكل آمالنا التي نسجناها على أوباما ذهبت أدراج الرياح ومن المفترض أن لا ننسج مثل هذه الآمال الكبيرة لأن عقودا من العمل السياسي والتعامل مع أمريكا توصلنا إلى نفس النتيجة. إسرائيل دولة عنصرية قامت على احتلال الأراضي العربية وتشريد الفلسطينيين ومشاريعها الاستيطانية جوهر الوجود الإسرائيلي وعلى العرب أن يتحركوا قبل أن تصبح الإستراتيجية حقيقة واقعة. كل متابع للصراع العربي الإسرائيلي يدرك أن العدو الإسرائيلي يهمه أن ينشغل العرب بقضاياهم وأن يقاتل بعضهم بعضا ليضمنوا تفردهم في الاستئثار بالقوة والتوسع والقضاء نهائيا على حقوق الفلسطينيين في استرجاع أراضيهم المحتلة.. هل يستدرك العرب ما فاتهم من حقوق وأراضٍ لدى إسرائيل؟