النظام السياسي في الإسلام لا يفصل الدين عن الدولة، وهذا أمر مفروغ منه، إلا أن تقلب بعض العلماء مع أحوال السياسة وتعقيداتها – هذه الأيام - يفرز اجتهادات خاطئة في كثير من الأحيان على نحو ما ظهر به الشيخ يوسف القرضاوي في كثير من آرائه ( السياسية ) حول مجريات الأحداث في البلدان العربية التي شهدت ثورات شعبية، وأعني هنا فتاويه فيما يجري في مصر وليبيا، والتي استدعت عليه هجوما من فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة، الذي أكد أن الإسلام يشجع على الحوار وعلى الحرب ضد الطغيان والجبروت. ولكن من دون الاستعانة بأعداء الأمة، واستنكر السديس الفتاوى التي يصدرها بعض من يدعون علماء المسلمين خدمة لأعداء الأمة الإسلامية وبالتالي استباحة دماء المسلمين. وقال السديس: إن دماء عشرات الألاف من الشهداء في ليبيا هي دين في رقبة القرضاوي سيحاسب عليها يوم القيامة، وطالب القرضاوي بالابتعاد عن السياسة والاكتفاء بالفقه الإسلامي، رغم أننا اتفقنا على عدم فصل الدين عن الدولة!! لا يخفى على أحد أن دخول العلماء في الخط السياسي يتطلب رؤية عميقة لمجريات الأحداث وتحولاتها؛ لأن إصدار الفتاوى مسؤولية ثقيلة، خاصة عند اضطراب الأحوال وتشابكها، ولعل الشيخ السديس وصل الى قناعة بخطأ اجتهادات الشيخ القرضاوي الذي أصبح يطل في الفضائيات أكثر من السياسيين. كثيرون في عالمنا الإسلامي يظهرون على الفضائيات في الأوقات العصيبة والأحوال المضطربة ليفتوا ويدلوا بآراء ربما من أجل تحقيق أهداف سياسية، وذلك هو الخطأ الذي يجب الحذر منه، لأن قضية التوظيف السياسي باسم الدين كفيلة بتشويه صورة الإسلام، وهذا يجعلنا نتمعن أكثر في موضوع ( اختلاط الدين بالسياسة ). كثير من الدماء التي سالت في ليبيا كانت بفعل الضربات الجوية لحلف الأطلسي، وكثير منها كان خاطئا راح ضحيتها أبرياء، وهذا الحلف من الاستنصار بالأجنبي الذي أشار اليه الشيخ السديس، فليس للشيخ القرضاوي ما يدفع به قبوله لضربات الحلف الأطلسي التي وراءها ما وراءها، ولذلك فإن الفتاوى في هذه السياقات تصبح موظفة، وهو ما يتنافى مع مقتضيات الشرع وإدارة الشأن السياسي وفقا للشرع، ولكنه يدخل في تلك القناعات التي لا تفصل الدين عن الدولة (السياسة)! كثيرون في عالمنا الإسلامي يظهرون على الفضائيات في الأوقات العصيبة والأحوال المضطربة ليفتوا ويدلوا بآراء ربما من أجل تحقيق أهداف سياسية، وذلك هو الخطأ الذي يجب الحذر منه، لأن قضية التوظيف السياسي باسم الدين كفيلة بتشويه صورة الإسلام، وهذا يجعلنا نتمعن أكثر في موضوع ( اختلاط الدين بالسياسة ). نحن نحتاج - بالفعل - من علمائنا أن يكونوا عونا لنا لا أن يدخلوا أنفسهم دوائر الشبهات وتضليل العامة والخاصة والدخول بالأمة في نطاق الفتنة بآراء وفتاوى ظرفية لا تحقق المصلحة العامة، لأن العلماء يتحولون حينها الى متاجرين بالفقه والفتوى وذلك يطرح التساؤلات حول اختلاط ( الدين بالسياسة )!!. [email protected]