لا شيء يشدني في التلفزيون مثل الأفلام الوثائقية فهي نافذة للمعرفة ووسيلة للاكتشاف، وقد شاهدت قبل أسابييع فيلما وثائقيا عن قطار أنشأته كويا الجنوبية من الشمال إلى الجنوب . والأمر هنا لا يتعلق بقضبان حديدية وعربات قطار تسير عليها، لكنه يتعلق بفن الابتكار في كل مراحل الإنشاء. جرت العادة في عالمنا أن يتم تصميم المشروع (أي كلام!!) ثم يأتي المقاول لتنفيذ المخططات كما هي (أي كلام أيضا !!) وعند الانتهاء نبدأ في اكتشاف العيوب وإصلاحها وقد ننجح في ذلك وهذا نادر الحدوث أو نفشل ونستمر في محاولتنا للإصلاح التي تستنزف جهودنا وأموالنا دون فائدة ترجى. في قطار كوريا كان البحث العلمي يسير جنبا إلى جنب مع التنفيذ. جرت العادة في عالمنا أن يتم تصميم المشروع ( أي كلام!!) ثم يأتي المقاول لتنفيذ المخططات كما هي (أي كلام أيضا !!) وعند الانتهاء نبدأ في إكتشاف العيوب وإصلاحها، وقد ننجح في ذلك وهذا نادر الحدوث أو نفشل ونستمر في محاولتنا للإصلاح التي تستنزف جهودنا وأموالنا دون فائدة ترجى في ذات الوقت حصل حادث لقطار في ألمينيا توفي فيه العشرات فأرسل الكوريون عددا من الخبراء والتقنيين لدراسة الحادث ومسبباته واكتشفوا أن الخلل يكمن في طريقة تصميم عجلة القطار التي تأثرت بحرارة الإنزلاق وتسببت في خلل أدى إلى الحادث المروع فرجعوا وأعادوا تصميم عجلات القطار بشكل يمنع وقوع مثل هذا الحادث. وبما أن القطار يعبر من خلال أودية كثيرة وجبال ضخمة فقد قاموا بإنشاء الكثير من الجسور والأنفاق مع محافظة متناهية على البيئة ثم تبين لهم أن خروج القطار من النفق بسرعته الهائلة يولد صوتاً يشبه الانفجار ما يسبب إزعاجا لسكان المدن والقرى المجاورة فبدأت عملية بحث مضنية للوصول إلى طريق تسمح بخروج القطار بهدوء عبر التحكم في شكل مخرج القطار من النفق. كان لزاما عليهم بناء جسر يتعامد مع طريق رئيس يربط عددا من المدن الحيوية، وتقرر ألا يقف السير في هذا الطريق دقيقة واحدة ( وبالطبع لا مجال للتحويلات!! ) فتم إنشاء الجسر على أعمدة موازية للخط الرئيس ثم بعدد ضخم من المفصلات العملاقة تم توجيه الجسر ليلتقي بأعمدة في الجانب الآخر من الطريق في عملية استغرقت حوالي 15 ساعة لم يتوقف خلالها سير السيارات ولم تتعطل حركة المرور. نعم كان عملا مضنياً، لكنه كان في كل خطوة يحترم إنسانية الناس ويحترم وقتهم وكان البحث العلمي يسير جنبا إلى جنب مع التصميم والتنفيذ. /تويتر h_aljasser [email protected]