يُعتبر التواصل الاجتماعي خصلة من الخصال التي لا يمكن الاستغناء عنها في عالمنا المعاصر بين كافة الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان. ويهدف هذا التواصل بالأساس إلى التعاون من أجل استمرار الحياة والتغلب على مشكلاتها وتذليل عقباتها. وإذا كان الهدف من هذا التواصل هو تضافر الجهود، فهناك حقيقة بشرية أخرى وهي أن الإنسان يسعى دائماً إلى تحقيق الذات.. ولهذا يحتاج الإنسان إلى مجتمع يبذل فيه مجهوده ويحقق فيه ذاته ويكافئه الآخرون على ذلك. من ذلك كان سعي الإنسان نحو التواصل الاجتماعي وكان يتدرّج في محيطه من المنزل إلى المدرسة إلى بيئة العمل.. لكن ذلك لم يكن كافياً حيث احتاج الإنسان إلى التعرّف على الثقافات الأخرى والتعرّف على أشخاص آخرين دون الاضطرار إلى مصاحبتهم لفترات زمنية طويلة بل حصر المعرفة على مجرد الحوار. لعب الإنترنت في هذا السياق دوراً بارزاً حيث سهّل عملية التواصل بين مختلف الثقافات والأشخاص. وبعد أن كانت الرسائل تستغرق أياماً طويلة، أصبحت تصل خلال أجزاء من الثانية. وأصبح مَن في جنوب الكرة الأرضية يستطيع التحدث مع مَن في شمالها في نفس اللحظة.. إلا أن ذلك بطبيعة الحال له مميزاته وعيوبه. أولى تلك المميزات أن الإنسان يستطيع أن يتواصل مع الآخرين بسهولة ويُسر وفي أي وقت يشاء من خلال هاتفه المحمول والدخول على الإنترنت. كما يستطيع الإنسان اختيار المنتديات والمجموعات أو الصفحات التي تثير اهتمامه أو إرسال رسائل نصية أو معلومات لآلاف الأشخاص دون أدنى تكاليف أو عراقيل، وهذا ما نطلق عليه اليوم تناقل المعلومات، حيث أصبح حجب المعلومات اليوم ضرباً من الخيال. كما يستطيع الإنسان حشد الأشخاص لأفكار معينة والترويج والإعلان عن هذه الأفكار دون مانع أو رقيب أو سلطة منظمة، ليصبح الإنسان وحده هو رقيب ذاته.. ويستطيع الإنسان تجنّب الظهور بشخصيته الفعلية واقتباس أي شخصية يشاء. إذا كانت هذه هي المميّزات مع حقيقة مؤكدة أنه لن يستطيع أي شخص أن يثني أحداً عن الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها والتي أصبحت تضمّ الملايين من البشر من مختلف دول العالم، إلا أن هناك عيوباً خطيرة لا يمكن تجنبها في هذا السياق. أول تلك العيوب بث الشائعات، حيث إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التيقن من أي معلومات تبث حتى لو كانت مدعمة بالفيديو والمستندات، حيث إن كل شيء يمكن صناعته في عصر العلم والتقنيات الحديثة التي نعايشها اليوم. ولهذا نقول إنه لا يجب التسليم بصحة أي معلومة تنقل على مواقع التواصل الاجتماعي. من عيوب مواقع التواصل الاجتماعي، إمكانية بث الأفكار الهدّامة والحشد لها من قبل أشخاص لا يعرفون أهدافهم ونياتهم إلا بث الفرقة في المجتمع والتخوين ومحاولة جمع الشباب حول ما يهدم ولا يفيد. على سبيل المثال موقع الفيس بوك قام بتصميمه شاب أمريكي، ثم بعد ذلك توسّع ودخلت شركات عالمية كبيرة متخصصة في صناعة التكنولوجيا في تمويله وبعض منها يتبع جهات مخابراتية عالمية وجهات بحثية حريصة على جمع المعلومات ولو كانت صغيرة وهو ما لا يعيه الشباب بدرجة كافية ويتعامل معه بالتالي بحسن نية. تعتبر مواقع التواصح الاجتماعي اليوم سلاحاً ذا حدّين، حيث إنها من ناحية لا يمكن الاستغناء عنها من قبل الشباب الذي أصبح يدمن الجلوس على الانترنت لساعات طويلة، وأنها تؤدي إلى علاقات شبابية لا رقيب عليها ولذلك علينا وضع برامج تعليمية وتثقيفية في المدارس لتلامذتنا لشرح كل ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، مزاياها وعيوبها، وكيفية الاستفادة منها، وتجنب شرورها، وتمييز الصالح من الطالح منها، حتى يكون لدى جيل المستقبل دراية كاملة حولها تمكّنهم من الانتباه للشرور التي تساق فيها وتسعى لتدمير عقولهم.