كنت أحسب أن بعضا منا يفرط في حق الآخرين الذين يحتاجون عونه في لحظة ما او موقف ما عندما يرى أنهم أسوياء مكتملو الصحة والعافية ولا ينقصهم إلا أن يبذلوا بعض الجهد والعناء فهذا يحدث كثيرا، وحدوثه لا يعني بأنه الصواب، فالصواب هو أن نمد يد العون دون توقعات منا أن نساعد بناء على طلب المساعدة مباشرة منا أو بناء على ما نراه من حاجة الآخرين للمساعدة وهي عادة في أمور بسيطة لا تكلفنا الكثير. خذ مثلا كم مرة مررت بسيارتك بجانب أخرى معطلة وصاحبها وقف يطلب العون وأكملت مسيرك دون أن تفكر بالتوقف للمساعدة!، وكم مرة رأيت أحدهم وهو يحمل أحمالا ثقيلة ولم تعرض عليه المشاركة!، كثيرة هي هذه المواقف التي تجعل من ينظر للموقف عن بعد يتساءل أين ضاعت الرغبة في مد يد العون من اجل الامتثال للقيم الإسلامية العظيمة في التعاون والتراحم والإغاثة والإيثار وإذا كنا كما قلت في البداية لا نقدمها للأصحاء فكيف نجرؤ على عدم تقديمها لمن هم بالتأكيد يحتاجون للعون. يا أخي (الناس لبعضيها) فهل كلنا نطبق هذه المقولة البسيطة الجميلة هل حقا نحن مقتنعون بها وعاملون بمقتضاها (الناس لبعضيها) هذا ما يفترض ان يكون بل هو ابسط ما يمكن ان يقدمه احدنا للآخر في مواقف مشابهةشاب كفيف خرج من مدرسته وأثناء وجوده في الحافلة شعر بالجوع واتصل بالمطعم ليضمن وصول وجبته للغداء في اقرب وقت من وصوله لبيته حيث يعيش بمفرده، وفعلا وصل إلى بيته وبعدها بدقائق وصلت الوجبة، خرج لاستلامها وسرعان ما سمع صوت انغلاق الباب الحديدي للشقة خلفه، بقي هو ووجبته في الخارج، وهو يكابد حرارة الشمس وحرارة الجوع فطن له رجل خدمة التوصيل فطلب له العون من جاره السعودي تقدم نحوه وعرف بالأمر وقال: وماذا يمكن أن افعل؟ وذهب بلا رجعة، بعدها بلحظات سمع خطوات لآخر فناداه طلبا للمساعدة وقال له السعودي الآخر سأذهب وأعود اليك ولكنه ذهب ولم يعد.. وما زال الشاب واقفا مجهدا بعد عناء دوامه المدرسي وجوعه وحرارة الشمس الحارقة هاتفه بالداخل والباب صلب عنيد... دقائق فإذا بشخص مصري سخره الله له، عرف بالأمر وحاول قليلا مع الباب ولم تفلح المحاولة فعرض على الشاب أن يرافقه إلى سكنه حتى يأكل طعامه ويرتاح قليلا ثم يعودوا للباب، ولكن الشاب شكره وقرر الانتظار ذهب المصري وما هي الا دقائق معدودة ليعود ومعه صديق آخر وآلة يحاولون بها فتح الباب بذلوا جهدا ووقتا واخيرا فتح الباب بمساعدتهم، واحدهم يقول بعد ان استمع لشكر الشاب له، يا أخي (الناس لبعضيها) فهل كلنا نطبق هذه المقولة البسيطة الجميلة هل حقا نحن مقتنعون بها وعاملون بمقتضاها (الناس لبعضيها) هذا ما يفترض ان يكون بل هو ابسط ما يمكن ان يقدمه احدنا للآخر في مواقف مشابهة فما بالنا نعافها رغم انها تحقق لنا مكاسب روحية قيمة ومكاسب ننالها من رب رحيم حبب لنا العون وخدمة الآخرين ووعدنا بخير الجزاء والثواب لها فنحن بها نكسب كثيرا ونرى مردودها في احوالنا الداخلية نفسيا وفي حالنا مع ربنا وفي احوال المجتمع عندما تشع فيه روح الود والاخاء والتعاون لأنها بالتأكيد تقص هذا الاحتقان الذي نراه في تصرفاتنا وذلك النزق والتحدث الذي يحول المواقف البسيطة الى أخرى معقدة ومؤذية لكل الاطراف، برأيكم ما هو السبيل حتى نسترجع تلك اللمسات الانسانية التي تنطلق من روح شهمة تواقة للخير وعاملة به وساعية لتعميمه بعيدا عن الرياء والتصنع الذي شوه كل المعاني الجميلة. [email protected]