قال خبير اقتصادي إن الريال السعودي لن يتأثر بالقيمة المنخفضة للدولار الأمريكي حالياً مشدداً على أن أسعار الصرف في المملكة والكثير من دول العالم ستبقى مستقرة، نظراً لامتلاكها احتياطياً وفيراً من الدولار. وفي محاضرة «حول تداعيات وانهيار الدولار هل سيخسر مكانته كعملة احتياطي في المستقبل» التي استضافتها شركة سدرة المالية مؤخراً، استعرض الخبير الاقتصادي والاستراتيجي التركي إردا جيرسك موجز للمشهد المالي والاقتصادي العالمي واستشراف مستقبل الدولار الأمريكي وأثر ذلك على الريال السعودي لنخبة من الاقتصاديين ورجال الأعمال وعدد من المهتمين بهذا الشأن، وذلك في فندق بارك حياة بمدينة جدة. وأكد إردا جيرسك أن الدولار الأمريكي لا يزال عملة الاحتياطي الرئيسية، في العالم وسيبقى كذلك على المدى الطويل وفقاً لثلاثة عوامل أساسية هي الاقتصاد وحركة السوق، والوضع المؤسساتي والقانوني في البلاد، وأخيراً الوضع السياسي. فعلى الصعيد الاقتصادي، لا تزال أمريكا أكبر اقتصادات العالم، وعلى الصعيد المالي تتمتع البلاد بتدفّق غير مسبوق للسيولة النقدية، وعلى الصعيد القانوني فالولاياتالمتحدة تتميّز بسيادة القانون ووضوحه وبقوة المؤسسات الحكومية، وعلى الصعيد السياسي، قال جيرسك «تعتبر أمريكا القوة العظمى الأكبر بالعالم، مما يمكّن العملة الأمريكية من الاحتفاظ بمكانتها العالمية. واستطرد جيرسك بقوله: أمريكا أكبر اقتصاد في العالم ولا يزال القانون مصدر قوة فيها، وسيادة المؤسسات تأتي فوق كل اعتبار، لكن المشهد السياسي في البلاد منقسم على نفسه، وهناك العديد من الصراعات التي لا تنتهي في هذا المجال مما يؤثر سلباً على مكانة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبيّن أن مجموعة العشرين والعديد من الدول الأخرى تبحث عن بديل للدولار، ولكن أحداً لم يتوصّل إلى أي نتيجة في هذا الصدد. فاليورو ما زال في طور التنفيذ، وهو يرزح حالياً تحت العديد من الضغوط. وقال جيرسك إن تجربة اليورو تستبعد احتمالات التوصل لعملة عالمية في المستقبل القريب، ولا يمكن أن يحل الين الياباني أو الرينمنبي الصيني أو أي عملة أخرى محل الدولار، نتيجة توافر الدولار بسهولة في جميع الأسواق العالمية ناهيك عن الاستقرار الذي يتمتع به ليبقى الدولار العملة المهيمنة على الاحتياطيات العالمية، ولكنه لن يكون كذلك إلى الأبد، وأكد أن الولاياتالمتحدة تستطيع مقاومة مستويات أكبر من العجز التجاري أكثر من أي بلد آخر، باعتبار تدفقات رؤوس الأموال مضمونة في معظمها، رغم أن تلك التدفقات مضافاً إليها تناقض القدرة على الإقراض تدفع بهذا الاتجاه. توقع البنك الدولي مؤخراً زوال هيمنة الدولار الأمريكي على النظام المالي الدولي بحلول عام 2025م، ليحل مكانه نظام ثلاثي الأقطاب قوامه الورقة الخضراء واليورو واليوان، وفي إطار هذا السيناريو سيفقد الدولار موقعه كعملة دولية مهيمنة بلا منازع بحلول ذلك العام.ويعتبر الدولار مصدراً للسيولة العالمية ويتم تداوله داخل البلاد، لذا فإن الولاياتالمتحدة بحاجة لإدارة العجر التجاري وتقديم السيولة لبقية العالم في آنٍ واحد، وقد دعّم ذلك النمو العالمي على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، فالتقلبات في أسواق العالم وانخفاض المدخرات في أمريكا كانت لها آثار جانبية واضحة على السياسة الامريكية الخارجية، بالإضافة الى الأزمة المالية العالمية مما حدا بصُناع القرار هناك لاستخدام الأموال المخصصة لرفاهية الشعب من أجل الحفاظ على معدلات النمو في الأسواق المحلية، وهى سياسة غير واضحة المعالم حتى الآن. وقال جيرسك: أمريكا تقوم بطباعة الدولار، لكنه ما زال قوياً نتيجة تبادل الاحتياطيات المقوّمة بالدولار الأمريكي بين البنوك المركزية والبنوك الاعتيادية. وهكذا، فإن الشغل الشاغل للقائمين عليه هو الموازنة بين التدفقات الداخلة والخارجة من الولاياتالمتحدة. ونوّه جيرسك إلى أن الاستثمار في العملات الأجنبية مقرون بالكثير من المخاطر، حيث لا يمكن تقييمه كما تقيّم الأصول، كما أنه ليس منتجاً مالياً يمكن التعامل معه بسهولة، أضف إلى ذلك اتجاهات أسعار صرف العملات التي لا يمكن التنبؤ بها، نظراً لعشوائيتها، مبيناً أن هناك مخاوف حول نموذج تسعير الدولار الأميركي، لكونه لا يمكنه التنبؤ باتجاهات العملة الأمريكية، ولذلك إذا أردت المتاجرة بالعملات، فقم باتباع اتجاهات السوق السائدة، وإذا لم يكن باستطاعتك تتبع اتجاه معيّن فليكن التحفظ هو وسيلتك في هذا الاستثمار. وأضاف: «العملات الرئيسية تأتي وتذهب، لكن حتى الآن ليس هناك بديل واضح للدولار.. لكن ذلك لا يعني أن الدولار على طريق الانخفاض المستمر وأن العملات في مجملها جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة، إضافة إلى أن ضعف قيمة الدولار حالياً مقصود، ويُراد منه الحفاظ على قوة الاقتصاد الأمريكي». وبيّن جيرسك أن على الأسواق الناشئة يتوجّب أن تكون جزءاً من الحل بعد أن ساهمت بتراكم الخلل في الميزان العالمي. وقال: «لا يمكن للأسواق الناشئة أن تقف متفرّجة وتهدّد بحرب للعملات القائمة».. واختتم حديثه بقوله: «علينا أن نترابط ويعمل الكل لمصلحة الكل، والفشل في ذلك قد تكون له انعكاسات وخيمة ستتأثر بها جميع الأطراف». من جانبه قال هاني باعثمان، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب بشركة سدرة المالية «في ظل التقلب الذي يحيط بالأسواق العالمية، وأزمات الديون التي تعيشها كل من أوروبا وأمريكا، تتعاظم الشكوك شيئاً فشيئاً في مدى قدرة الدولار الأمريكي على الصمود أمام التحديات التي تواجهه، وتكثر الترجيحات بزوال هيمنته خلال الفترة القادمة أمام العملات الرئيسية في العالم». وأضاف باعثمان: كان البنك الدولي قد توقع مؤخراً زوال هيمنة الدولار الأمريكي على النظام المالي الدولي بحلول عام 2025م، ليحل مكانه نظام ثلاثي الأقطاب قوامه الورقة الخضراء واليورو واليوان، وفي إطار هذا السيناريو سيفقد الدولار موقعه كعملة دولية مهيمنة بلا منازع بحلول ذلك العام. ومن هذا المنطلق، تأتي هذه المحاضرة الهامة التي تبحث واقع ومستقبل الدولار الأمريكي والآثار المترتبة على ذلك كقيمة مضافة إلى الخدمات التي نقدّمها لعملائنا في إطار سعينا لخلق بيئة تشجّع تبادل الأفكار السليمة وتحث على تبادل المعرفة والآراء مما يساهم في توسيع مدارك عملائنا ويساندهم في اتخاذ قراراتهم المالية والاستثمارية».