لأن جلدي هو جلدها.. ولأن همي هو همها.. ولأن دموع عيني هي من ندى فجرها.. وغضب بحارها.. ورحمة سمائها.. ولأن صوتي هو جزء من نداء مآذنها وأزقتها وأبراج حمامها.. ولأن وجه قلبي قد اختلط بتراب شواطئها.. واستجار بظلها.. وأهداب ياسمينها وعطرها. ولأني مطروح دائمًا وابدًا على كل نواصي طرقاتها.. أرى أيامي وأحلامي وتعبي وفرحي وأحزاني على كل أرصفتها وجدرانها. ولأنها مني يا سيدي بخمسين عاما مضت.. وانا منها بخمسين عينا رأت.. عطشت ذات يوم من عطشها وارتويت لأنها ارتوت.. وتطاولت بحجم كبريائها.. وبحجم شموخها وعزتها.. لأنها كبرت واتسعت. ولأنها مني يا سيدي بخمسين عاما مضت.. وانا منها بخمسين عينا رأت.. عطشت ذات يوم من عطشها وارتويت لأنها ارتوت.. وتطاولت بحجم كبريائها.. وبحجم شموخها وعزتها.. لأنها كبرت واتسعت..احببتها لأني رأيت فيها عظام جدي وأبي يسيران معا يدا بيد إلى صلاة الفجر. أحببتها لأني رأيت فيها عظام جدي وأبي يسيران معا يدا بيد الى صلاة الفجر. أحببت فيها الحب في عيون ابنتي.. وما أجمل الوطن في عيون.. طفلة لم يلوثها الكذب. أحببت في "بسطون" أبي وعمامته وساعد ابني وعزيمته عندما رأيتهما يسجدان ليقبلا تراب هذا الوطن. احببتها من أجل كل جسد نحيل أعياه السهر راكعا خاشعا في طاعة الله. من أجل هذا رأيتها في كل عيون أهلي.. وأبناء وطني.. حبا راسخا لا يرقى اليه حب. عشقت كل من حمل حجرًا ليضعه فوق حجر.. وكل من حمل غصنا ليزرعه إلى جوار غصن.. وكل من بنى.. وكل من غسل بعرقه وجه الشمس ليرفع امجاد مدينة لتراها الشمس. عشقت كل من رسم على جبينها حرفا.. وكل من اهدى جيدها عقدا.. وكل من عانق شاطئها وقمرها وليلها ساهرا من اجل امنها وأمانها.. واحترمت كل من صان جمالها.. واكتسب خلقه وحياءه من نجوم سمائها. هذه تحية حب لكل من أحب هذه الأرض.. فأحبته.. ورأى السحر في عينيها فرأته بعيون كل الناس.