يواجه الرئيس السوري بشار الاسد الذي تحكم عائلته سوريا منذ اكثر من 40 عاماً والذي نصّب نفسه حامياً للوحدة العربية عزلة متزايدة بعد أن أعلنت دول عربية عقوبات على دمشق بسبب الحملة التي يشنها نظامه على المحتجين الذين يطالبون بالاطاحة به، في الوقت الذي دخلت فيه طهران على خط المعارضة، والتقى مسئولون فيها بعدد من قادة المعارضة. وبالنسبة لزعيم صوّر نفسه على أنه المدافع الرئيسي عن الحقوق العربية كانت الخطوة التي اتخذتها جامعة الدول العربية يوم السبت بتعليق عضوية سوريا ضربة موجعة. وتسببت الحملة العسكرية التي يشنها الاسد على المحتجين في اثارة استياء تركيا الحليفة السابقة ودفعت دولاً غربية الى فرض العقوبات ومطالبته بالتنحّي. لكن القرار المفاجئ الذي اتخذته الجامعة العربية واعلان فرض عقوبات سياسية واقتصادية أدى الى تدنّي مكانة الاسد على الساحة الدولية وجعله أكثر اعتماداً على ايران. وأدى اصرار الاسد على القضاء على انتفاضة يتهم متشددين اسلاميين بأنهم من أثاروها بدعم من قوى أجنبية الى جانب صمود المحتجين في الشوارع وظهور تمرّد مسلح الى جعل الانتفاضة السورية واحدة من أكثر الصراعات استعصاء على الحل في انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها المنطقة هذا العام. وأعاد استخدامه للدبابات لاستعادة السيطرة على مدينة حماة في أغسطس اب ذكريات سحق والده الرئيس الراحل حافظ الاسد لانتفاضة قبل نحو 30 عاماً ودفع الامين العام للامم المتحدة بان جي مون لاتهامه بأنه فقد أي شعور انساني. وقال رامي خوري وهو محلل لشؤون الشرق الاوسط مقيم في بيروت: إذا أصرّ على الاستمرار في تجاهل الاشارات من العالم العربي والمجتمع الدولي فإن هذا لا ينبئ بخير بالنسبة له بصورة كبيرة. وفي واقع الامر فان هذه الانتفاضة أدت الى ظهور استقطابات في سوريا. وأصبح الكثير من المتظاهرين الآن يرددون هتافات تطالب باعدام الاسد وهو مشهد لم يكن من الممكن تخيّله على الاطلاق قبل ثمانية أشهر لكنه ما زال قادراً على حشد أعداد غفيرة في مظاهرات تنظمها الدولة وما زال يحظى بتأييد خاصة بين الاقلية المسيحية والاقلية العلوية التي ينتمي لها. وعندما تولى الاسد المنصب وعد بإصلاح دولة من أكثر الدول التي يطبّق عليها النظام قبضته وأشرف على خطوة لم تدُم طويلاً لاطلاق الحريات السياسية قبل تلاشي ربيع دمشق وسط موجة من القمع والاعتقالات. كما عزز الاسد تحالف والده الاستراتيجي مع ايران ودعم حركات مثل حماس وحزب الله اللبناني. كما أبقى على قبضة عائلة الاسد والطائفة العلوية التي ينتمي اليها على الدولة التي تسكنها أغلبية من السنة.. ويقود شقيقه ماهر الاسد الحرس الجمهوري وهو ثاني أقوى شخصية في البلاد في حين أن اصف شوكت صهره هو نائب رئيس أركان القوات المسلحة. وساعدت اسماء زوجة الرئيس السوري التي نشأت في لندن وعملت في بنك استثماري على محاولة ان يقدّم نفسه في صورة أكثر ليناً وليبرالية وحداثة للعالم الخارجي لمواجهة ما عُرف عن النظام السوري من قمع. من جهة ثانية، كشفت تقارير إخبارية امس أن مسؤولين إيرانيين التقوا بقادة من المعارضة السورية. واعتبرت صحيفة "ديلي تليجراف" هذا اللقاء "دليلاً مثيراً" على العزلة المتزايدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت الصحيفة عن عدد من مصادر المعارضة أن إيران فتحت قناة اتصال مع فصيل "معتدل" من المعارضة قبل نحو شهر. وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين التقوا بهيثم مناع وعدد من أعضاء "هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي". وتعارض هذه الهيئة بشدة التدخل الخارجي في سورية، ومن المرجّح أن إيران تراها أكثر قبولاً لها عن "المجلس الوطني السوري" الأوسع نطاقاً الذي يطالب بحماية دولية للمدنيين. ونقلت الصحيفة عن صحفي معارض أن إيران "استغلت هيثم مناع للإعداد لمؤتمر للمعارضة"، إلا أن المحاولة فشلت لأنه "لا أحد يثق في إيران". وكانت مصادر من المعارضة السورية تحدثت في بداية الأحداث السورية منتصف مارس الماضي أن عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني تتعاون مع الجيش السوري في إخماد المظاهرات. إلا أن المواقف المعلنة لم تؤكد ذلك، فقد خرج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في أغسطس ليطالب الحكومة السورية بالجلوس مع المعارضة ثم خرج الشهر الماضي وطلب بصورة مباشرة من الأسد تنفيذ إصلاحات. ورأت الصحيفة أن إيران ستخسر الكثير إذا ما سقط نظام الأسد باعتبار دمشق مقر حركتي حماس وحزب الله المدعومتين من إيران وتدعمهما وتوفر الغطاء الدبلوماسي لهما. وذكرت الصحيفة أن مناع لم يرد على طلباتها للتعليق على هذه الأنباء، مضيفة إنه من المرجح بشدة أن الإيرانيين يسعون إلى الوقوف على آراء المعارضة حول إسرائيل والعلاقات مع الغرب وليس تقديم أي دعم فعلي.