الصرامة في تنفيذ التعليمات وقواعد الضبط والربط التي يتميّز بها رجال الأمن لم تمنعهم من أداء مهام إنسانية غير مجدولة في برامج العمل اليومي في مواءمة فريدة بين التطبيق الحرفي للأوامر وبين الانحياز إلى الإنسانية في أعلى مستوياتها. المظلة الأمنية في المشاعر المقدّسة تسع الجميع بلا فرز، وكان للصغار التائهين والنساء وكبار السن من العجزة وذوي الظروف الخاصة نصيب وافر من تلك الظلال، واستطاع الجنود كسر الحواجز المصطنعة بينهم وبين الأطفال وقادوهم إلى مقراتهم وخيام ذويهم، ومن فشل من الصغار في تحديد وجهته وموقع إقامة ذويه نُقل إلى مركز التائهين ليجد آخرين في استقباله بالحلوى واللعب والهدايا، وهذه بعض المواقف بل البطولات التى سطرها رجال الأمن طوال أداء مهامهم في المشاعر المقدّسة لتؤكد أنهم الجنود المجهولون الذين بذلوا كل جهدهم من أجل راحة وسلامة الحجيج. نزار الياسر الطفل ذو السنة الخامسة أفلت من يدي والده في زحام منى، وراح يضرب شمالاً وجنوباً قبل أن يأخذ بيده جندي ويطوف به بين الخيام، ووجد الصغير على أكتاف الجندي متكئاً أمنياً حتى وصل إلى احد مراكز التائهين والذي تولى ايصاله الى والده بالأحضان وسط دعوات لهج بها قلب الاب المفجوع الذي قدّم شكره لكل رجال الأمن على ما يبذلونه من جُهود كبيرة لخدمة الحجيج لتنتهي الرحلة الإنسانية لجندي الوطن بكأس ماء مثلج من يد الأب المبتهج بعودة نجله المفقود وسط الزحام. من جانبه قال رجل الامن عبدالرحمن الزهراني: طبيعة عملي في المشاعر المقدّسة تتطلب ان اقوم بتفكيك الحشود البشرية بالاضافة الى منع الافتراش في الطرقات ولكن في نفس الوقت لو شاهدت حاجاً مُسناً يرغب في المساعدة فإنني ابادر بنفسي الى مساعدته قبل ان يطلب مني، مضيفاً ان هذا العمل الانساني هو نهج جميع رجال الامن العاملين في المشاعر، حيث نصب اعيننا دائماً العمل الانساني بدون ان يكون هناك إخلال بالنظام.