أدت جموع الحجيج يوم أمس أول المناسك في عرفات الله، بأمن وأمان وطمأنينة. وتمت علمية التصعيد بنجاح، بفضل الله، ثم بفضل التسهيلات الضخمة التي أنجزتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، وجندت لها عشرات الآلاف من جنود الأمن والمرور والخدمات الصحية، والكشافة والمرشدين. وجاءت النجاحات متوالية، من التصعيد لنحو مليوني حاج من منى إلى صعيد عرفات، ترافقهم وحدات الأمن والمرور والوحدات الصحية، وتراقب الطائرات انسيابية الحركة، كما أعلن مدير عام الدفاع المدني أن يوم عرفة لم يشهد أية حوادث. وإدارة حركة جموع الحجاج تحتاج إلى خبرة طويلة اكتسبتها القوى السعودية العاملة في خدمة الحجاج في التفويج والتصعيد، والنفرة إلى مزدلفة والعودة إلى منى، بإشراف من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين. وكان يوم عرفات مشهداً فياضاً إذ يجتمع المؤمنون من أنحاء الأرض، بلهجات وسحن وجهات متنوعة، ولكن يجمعهم إسلام واحد وصعيد عرفات، ولباس واحد وترديد دعاء موحد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» يطلبون من الله تعالى أن يغفر ذنوبهم ليعودوا كما ولدتهم أمهاتهم. وكان مشهداً مؤثراً أن يجتمع الناس من جهات الأرض، ومن كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، وليذكروا الله عند المشعر الحرام، في بقعة من الأرض، تشهد سنوياً، دعوات التائبين، وأنفاس المخلصين، الذين استطاعوا إلى الحج سبيلا، وتركوا الأهل والولد والبلد وجاءوا لإتمام الركن الخامس من أركان الإسلام، وهم يحذون خطى الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ بات في صحابته في منى وصعد بهم في اليوم التاسع من ذي الحجة إلى عرفات حيث صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ونفر بالمؤمنين إلى مزدلفة ابتداء من مغيب الشمس، ثم يعود بهم إلى منى، ليرموا الجمرات، ويرجموا رمز الشيطان، براءة من إبليس وصحبه وأتباعه وأعماله. ويتمسك الحجاج بأعمال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه، وتعاليمه، وقد بين للمسلمين في خطبة عرفات، في حجة الوداع، تفاصيل ختام بلاغ الدين وكماله. وقد أكمل الرسول صلى الله عليه وسلم بلاغ الدين، ونزل البلاغ قرآناً مبيناً يتعبد به في سورة المائدة «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً». فرضي الله الإسلام لنا ديناً، والمصطفى، صلى الله عليه وسلم، مبلغاً ورسولاً، فرضينا،. وتشهد شعائر الله، في الأرض الحرام، على هذا الرضا، وأداء الحجيج الشعائر والمناسك، كما أمر الرسول إنما هو فقه بالبلاغ وتمسك بالهدى وتعاليم الرسالة الخالدة.