بين عتمةٍ وبصيصٍ من النور عاشت الشابة « غدير «، البالغة من العمر تسعة وعشرين ربيعاً، تسعةٌ وعشرون خريفاً لم يتسنّ لها فيها التمتُّع بإبصار زهور ريعان ربيعها، فكُلّما نضُجت زهور عُمرها ازداد بروز القرنيّة الكامنة في عينيها؛ مما أدّى إلى ضعف قُدرتها على النظر، وفي كُلَّ مرةً تعتزم فيها العلاج يستوقفها ما عانت منه في كل مستَشفى تلجأ إليه راجيةً الله تعالى أولا ثُم من زواياه استعطاف حالها، « غدير « الفتاة التي حُرمت من الإبصار لكُل جميلٍ في حياتها بوضوح طرقت كُل الأبواب التي كانت آملة أن تجد علاجها خلفها ولكن دون جدوى، فقد أُغلقت في وجهها قبل أن تهُمّ بطرقها، وكانت آخر الأبواب التي طرقتها بعد المواعيد البعيدة التي أهلكت صحّة عينيها من قبل البُرج الطبّي ويأسها منه والمستشفيات الحكومية الأخرى باب مركز مغربي للعيون والأذن لتشخيص حالتها علّها تجد تكذيباً للفحوصات التي خضعت لها قبل دخولها لهذا المستشفى، ولكن التشخيص تلخّص في أن القرنية مخروطية بالعينين وحدة الإبصار بالعين اليمنى 200/20 واليسرى 200/20 وقد تقرر للمريضة إجراء زراعة قرنية بالعينين بدءاً بالعين اليسرى، بينما ينُص تقرير تكلفة العلاج التقديرية ( 36.000 ) ستة وثلاثون ألف ريال سعودي للعينين، من خلالها أعربت « غدير « عن حُزنها لذلك، إذ أن الحالة الماديّة لوالدها المُسن ضعيفة جداً خاصةً وأنه مُتقاعد عن العمل وليس لها ولأُسرتها دخل سوى المبلغ الزهيد الذي يصرفهُ لهم الضمان الاجتماعي، في حين أن والدها يعول بهذا المبلغ ستة أشخاص، وقد فقدت غدير كُلُّ الحِيل التي تجرّدت من بصيص الأمل فيها، راجيةً من الله تعالى ثم من أهل الخير أن ينظروا نظرة حَق لمُواطنة عاجزةً أمام أبوابهم، فلعلّ أيادي الخير تجود بما ينتشلها من دائها ويُعيد لبصرها حق إبصار ألوان الحياة الجميلة .