يتفضل الله سبحانه وتعالى في يوم عرفة على عباده الذين سعوا في مرضاته، فيباهي بهم ملائكته وقد غفر سبحانه وتعالى لمن شهد عرفة يعد الوقوف بعرفه ركنا من أركان الحج، ولا يصح الحج إلا به، وعلى الحاج أن يتوجه إلى عرفة من بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة، ويستحب له أن يصل عرفة قبل الزوال؛ ليتمكن من أداء صلاتي الظهر والعصر جمعًا في وقت الظهر مع جماعة المسلمين، كما يستحب للحاج أن يكثر من الدعاء أثناء الوقوف بعرفة، والمقصود بالوقوف البقاء بعرفة سواء كان واقفًا أم جالسًا، كما يكثر من التلبية والذكر والتسبيح والصلاة على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. إذا كان من المهم أن يحج من استطاع من المسلمين .. فإنه من الأهم أن يدرك الحاج الطريقة الصحيحة لأداء النسك، وهو الذي تكبد عناء السفر وصولاً إلى الديار المقدسة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وفي هذا الجانب .. وفي يوم عرفة تحديدا .. نرى إصرار بعض الحجاج على ارتكاب سلوكيات خاطئة متجاوزين كل حواجز التوعية بقدسية المكان والزمان، بينما يشدد العلماء والدعاة على وجوب معرفة الحاج لواجبات وموانع الحج .. «اليوم» رصدت جانباً من هذه السلوكيات ولعل أبرزها إصرار البعض على الصعود إلى قمة الجبل حتى وإن ترتب على ذلك الإضرار بنفسه وبالآخرين .. المزيد من التفاصيل في هذا التقرير : « لحس « الشاخص الحاج هشام باروم يقول :» أكثر السلوكيات الخاطئة والغريبة هي إصرار بعض الحجاج من جنسيات مختلفة على لعق « لحس» الشاخص بجبل الرحمة، معتقدين أن ذلك من أسباب الفوز برضا الله سبحانه وتعالى ودخول الجنة، وأنهم يعتقدون أن اللسان الذي يلحس الشاخص لا تمسه النار، وكذلك ليكون قوله مقبولاً، فمنهم من يعتقد أن اللسان الذي يلحس الشاخص لا ينطق إلا حقاً ويكون قوله مقبولاً ونافذاً لا رجعة فيه عند الجميع، كما أن بعض الحجاج يسجل اسمه وأسماء عائلته على الشاخص أو على الحجارة المحيطة بالشاخص في جبل عرفات واهمين أن ذلك يدخلهم الجنة!!» في دائرة الشرك من جهة أخرى ذكر سعد أبو عزة أحد المطوفين والخاصين بحملات الحج الخاصة بالجاليات المقيمة أن بعضاً من الحجاج يصر على صعود جبل عرفة رغم صعوبة الصعود إليه، وذلك للحصول على حفنة تراب ووريقات من الأشجار المحيطة بالجبل معتقدين أن ذلك التراب من تراب الجنة، وكذلك الأشجار المحيطة بالجبل، ويحتفظ أحدهم بها ويوصى ذريته وذويه لكي يذروا التراب ويرشّوا بالوريقات على جثمانه داخل القبر عند موته، وكل تلك المعتقدات قد تدخل صاحبها في دائرة الشرك والعياذ بالله، مما يفوّت عليه روحانية الحج وبطلانه «. الجلوس يبطل الحج !! وهذا أحمد دمنهوري أحد أصحاب الحملات الخاصة بحجاج شرق آسيا يقول :» هناك سلوكيات خاطئة فيما يفعله عدد من حجاج جنوب آسيا الذين يعتبرون الجلوس يوم عرفة يبطل الحج، لذلك تجدهم يسيرون على أقدامهم في رحاب عرفات طيلة اليوم دون الجلوس خشية بطلان حجهم، وذلك لاعتقادهم أن الوقوف بعرفة يعني الوقوف دون الجلوس «. رغم عظمة المكان والزمان .. وهالة الموقف العظيم في الأيام المباركة تسمع من الحجاج من دول المغرب العربي من يرفع يديه باتجاه الكعبة من على قمة الجبل ويردد يا رب بجاه «سيدي السيد ..........» تقبل حجي وأجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً!! سلوكيات عجيبة! الحاج محمد صالح يقول :» رغم عظمة المكان والزمان .. وهالة الموقف العظيم في الأيام المباركة تسمع من الحجاج من دول المغرب العربي من يرفع يديه باتجاه الكعبة من على قمة الجبل ويردد ( يا رب بجاه «سيدي السيد 0000» ) تقبل حجي وأجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً!!، فعلا يا لها من سلوكيات عجيبة!، فهو ينادي السميع المجيب ويشرك معه من مخلوقاته، أيضاً المناداة بصوت مرتفع يسمعه كل من وقف بجوار المنادي سواء كان واقفاً في قمة جبل الرحمة أو أيّ من الأماكن المقدسة في نظر عدد من الحجاج وينادي بأسماء أشخاص يود أن يتحقق لهم ما يتمنوا، فبعضهم يود أن ينجب أولاداً ذكوراً فينادي الحاج ( يا فلان لا تنجب إلا ذكراً )، وبعضهم لا يأكل اللحم فينادي الحاج ( يا فلان كل اللحم!!)، ومما يسوء ذلك أن عدداً من ضعفاء النفوس استغلوا جهل العديد من الحجاج بأمور دينهم وأخذوا يروجون لهم الأكاذيب والأباطيل والخرافات، ومعظم أولئك من بني جلدتهم والذين قدموا للمملكة للعمل بها منذ فترة .. إذ يقطفون ثمار الأشجار ويضعون عليه ريحاً طيباً «من الورد أو الكادي أو دهن العود» .. ويبيعونه على الحجاج على أنه من ثمار الجنة!، والجاهلون من الحجاج يصدقون مثل هذه الخزعبلات وأمثالها!!، وهذا نتيجة للجهل فيجب على من أراد الحج أن يتفقّه في دينه ويعرف أمور حجّه، أما هذا الجبل ففي الأصل لا يسمى جبل الرحمة وإنما هو جبل عرفات، وقد بيّن النبي المصطفى- صلى الله عليه وسلم- أن الوقوف عند الجبل ليس فرضاً ولا واجباً إنما سنة لمن استطاع، وعرفة كلها موقف ومن وقف في أي مكان في المشعر، فقد تم حجه والرسول -صلى الله عليه وسلم -قال :» وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة»، ومن أعتقد أن الجبل هو المخصص بالوقوف فهو اعتقاد خاطئ ،وقال: صلى الله عليه وسلم :» خذوا عني مناسككم»، والمقصود ب «الحج عرفة» هو أنه من أدرك الوقوف بعرفة في ساعة من ليل أو نهار قبل طلوع شمس يوم العيد .. فإنه يعتبر أدرك الحج، ومن فاته الوقوف فقد فاته الحج، ويتحلل من إحرامه بعمرة «.
ابن عثيمين : هذا من البدع .. بل فيه شيء من رائحة الوثنية في السياق نفسه أفتى الشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله من خلال الاستفسارات التي وردت إليه آنذاك فقال : « إن بعض الحجاج يقعون في أخطاء خطيرة يعتقدون أن للجبل الذي وقف عنده الرسول (صلى الله عليه وسلم) قدسية خاصة، ولهذا يذهبون إليه ويصعدونه، ويتبركون بأحجاره وترابه، ويعلقون على أشجاره قصاصات الخرق، وغير ذلك مما هو معروف، وهذا من البدع، فإنه لا يشرع صعودُ الجبل ولا الصلاة فيه، ولا أن تعلق قصاصات الخرق على أشجاره؛ لأن ذلك كله لم يرد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بل فيه شيء من رائحة الوثنية، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) مر على شجرة للمشركين ينوطون بها أسلحتهم فقالوا : يا رسول اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر، إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة )، وهذا الجبل ليس له قدسية خاصة، بل هو كغيره من الروابي التي في عرفة، والسهول التي فيها، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام وقف هناك، فكان المشروع أن يقف الناس موقف الرسول عليه الصلاة والسلام إن تيسر له، وإلا فليس واجبا، ولا ينبغي أن يتكلف الإنسان الذهاب إليه لما سبق «.