(الجودة) تعني في مصطلح علم الإدارة الوصول الى مستوى كيفي ونوعي في العمل والإنتاج يُلبّي الشروط والمواصفات والمعايير المستهدفة في تنفيذ المشروع، أما مصطلح (الإتقان) الوارد في القرآن الكريم فهو ابلغ تعبيراً وأدق معنى وأرقى كمالاً من مصطلح (الجودة) وأقرب الى وجدان المسلم، يتضح ذلك في قوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } النمل88، وقوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} السجدة7، وروي عنه «صلى الله عليه وسلم» : (ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، لذا يجدر بالمعنيين بالجودة تنظيراً وتطبيقاً، تبني مصطلح: (الإتقان) بدلاً من مصلح الجودة، في أدبيات علم الإدارة ولدى هيئة المواصفات والمقاييس وفي الملتقيات القادمة وفي وضع آليات التنفيذ والتطبيق بغية نشر مبادئ الإدارة الإسلامية وقيمها مما يعزز مكانة الدين الإسلامي الحنيف. وأتساءل: هل تحققت الجودة في المشروعات التطويرية المعتمدة؟؟ كمشروع تطوير المحاكم والقضاء وكالمشروعات البلدية داخل المدن من سفلتة وأنفاق ونظافة، ومشروع تطوير التعليم من مبانٍ مدرسية ومناهج تعليمية وبرامج تربوية ونظم إدارية مدرسية تلك التي لم تبارح مكانها منذ سبعة عقود من الزمن في إطار البيروقراطية والمركزية السلبية، ولا تزال خدمات الدوائر الحكومية وانظمتها دون جودة بل تفتقر الى التطوير والاختيار الأفضل للعناصر القيادية والإدارية المدرّبة، المدركين بوعي لواجباتهم تجاه المستفيدين منها من مواطنين ومقيمين، المتمتعين بروح إنسانية تحترم كرامة وحقوق الإنسان الآخر، هذا الإنسان الذي من أجله أنشئت جميع المؤسسات الحكومية والأهلية. ومازلت أبحث عن الجودة في مواصفات المشاريع المنفذة التي كلفت مئات المليارات وشروط تنفيذها ووسائل متابعتها والأجهزة الرقابية المشرفة على تنفيذها ولكني لم أجدها، فأين الجودة في مشروع تطوير القضاء والقضاة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «حفظه الله ورعاه»، واعتمد من أجله تسعة آلاف مليون ريال، وقد تضمّن المشروع إنشاء الأقسام النسائية والمحاكم المرورية والعمل على تعيين عدد كبير من القضاة الأكفاء المؤهّلين والمدرّبين شرعياً وقانونياً وتطوير كفاءة القضاة الحاليين وتدريبهم على إدارة الوقت والعلاقات العامة والأداء والإنجاز الفعّال وتطوير البنية التحتية تقنياً وإنشائياً، فلا تزال آلاف القضايا مكدّسة على مكاتب المحاكم تنتظر دورها البطيء جداً لقلة عدد القضاة في بعض المناطق كالأحساء مثلاً التي يعاني أهاليها ظروفاً صعبة لإنهاء قضاياهم، كما يعاني القضاة أنفسهم من جراء قلة عددهم وكثافة المراجعين مما يؤدي الى تأخير النظر في قضايا الناس وإنهائها، وأين الجودة في مباني المحاكم الخانقة المكتظة بالمراجعين التي مضت عليها عقود من الزمن وباتت غير صالحة نهائياً لخدمات القضاء. وختاماً أهنئ القائمين على الملتقى الثالث للجودة الذي عقد بتاريخ 4/11/1432ه بغرفة الشرقية على المستوى الإقليمي إدارة وتنظيماً، وخلال اثنتي عشرة جلسة وبعض ورش العمل تمت مناقشة الطروحات المقدَّمة من المختصين التي ركَّزت على أهمية الجودة نظرياً وتطبيقياً. [email protected]