يعتبر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله من أبرز رجالات الدولة السعودية , ويمثل تاريخا حافلا بالعطاء ، سواء ماكان منه عطاء سياسيا أو عسكريا ، أو إداريا أو إنسانيا . نشأ سموه في كنف والده يرحمه الله وتعلم منه الجرأة والصبر والحنكة والحزم والحكمة . وقد واكب سموه بناء هذا الكيان في وقت مبكر ، فقد أولاه والده الثقة بتعيينه أميرا للرياض عام 1947 وكان عمره آنذاك لا يتجاوز العشرين عاما. وقد شارك من خلال تلك المكانة الرسمية الهامة في التأسيس مع والده لنظام محلي فاعل ، وقدم ، غفر الله له ،مساهمة فاعلة في تحقيق أهداف الوطن التنموية ، من خلال الادوار المهنية والمناصب الإدارية المختلفة التي كلف بها . شارك سموه يرحمه الله في عضوية أول مجلس وزراء سعودي ، حيث كلف بالعمل وزيرا للزراعة ، وكلف لاحقا بوزارة المواصلات . أما التكليف الأهم في حياته يرحمه الله فقد كان وزارة الدفاع والطيران التي أشرف عليها منذ عام 1962 وحتى وفاته . وفي عام 1982 أصبح سموه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ، وأسند اليه في عام 2005 العمل كنائب لرئيس مجلس الوزراء بجانب ولايته للعهد . ترأس الأمير سلطان العديد من الوفود الرسمية الهامة إلى الكثير من بلدان العالم وإلى المؤتمرات الدولية ، وكان من أهمها رئاسة سموه لوفد المملكة لاجتماعات هيئة الأممالمتحدة عام 1985 ، ورئاسة وفد المملكة إلى احتفالات هيئة الأممالمتحدة بعيدها الخمسين في عام 1995 ولقد كان لسموه أدوار بارزة ومواقف مشرفة خلال فترة عمله وزيرا للدفاع . فعندما نشبت الحرب العربية الاسرائيلية عام 1967 أشرف سموه على تعبئة القوات السعودية التي انتقلت لتتخذ موقعا على طول ساحل خليج العقبة لمساندة اشقائها العرب هناك . وعندما صدر أمر القيادة السعودية العليا بالتعبئة العسكرية استعدادا للمشاركة في الحرب العربية الاسرائيلية عام 1973، أشرف سموه على تحرك القوات السعودية لتتخذ موقعها على الجبهة السورية ، وهي الجبهة التي اشتبكت القوات السعودية منها مع القوات الاسرائيلية . وعندما اتخذ الملك فهد يرحمه الله قراره التاريخي بطلب المساندة من الدول الشقيقة والصديقة لصد الغزو العراقي عام 1990 سارعت القوات السعودية بإشراف مباشر من سمو الأمير سلطان يرحمه الله الى إعلان حالة الطوارئ استعدادا للمشاركة التي جاء نتيجتها تحرير الخفجي من القوات العراقية المعتدية . وعندما تسلل الحوثيون إلى حدود المملكة ، تابع ولي العهد وزير الدفاع يرحمه الله ذلك الحدث وهو خارج البلاد في رحلة علاجية , والتقى سموه فور عودته بأفراد القوات التي شاركت في صد تلك التسللات الحدودية ، وأثنى على ماقدموه من جهد وتضحية . وهنا لابد من الإشارة إلى أن سموه يرحمه الله كان يحتفظ بعلاقة ود واحترام برجال القوات المسلحة ، وكان كثير الالتقاء بهم ، وخاصة في المناسبات التي كان يقوم بزيارتهم خلالها ، كمناسبات الأعياد . ترأس الأمير سلطان العديد من الوفود الرسمية الهامة إلى الكثير من بلدان العالم وإلى المؤتمرات الدولية ، وكان من أهمها رئاسة سموه لوفد المملكة لاجتماعات هيئة الأممالمتحدة عام 1985 ، ورئاسة وفد المملكة إلى احتفالات هيئة الأممالمتحدة بعيدها الخمسين في عام 1995 . ولقد كان للعمل الخيري نصيب كبير من وقت وجهد سموه يرحمه الله . فقد كان سباقا إلى العمل الخيري بأشكاله وأسبابه . وخير مثال على ذلك تأسيسه يرحمه الله لمؤسسة حملت اسمه ، وقدمت منذ عام 1415 الكثير من العون والمساعدة في المجالات الإنسانية المختلفة . ونتيجة لما قدمه سموه من أعمال خيرية جليلة ، حظي سموه بلقب شخصية العام الإنسانية لعام 2005 وذلك من خلال تصويت شارك فيه الكثير من الأدباء والمفكرين والكتاب والأكاديميين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني في منطقة الخليج ، الذين صوتوا لصالح سموه ، ليحظى بذلك اللقب الهام ، شخصية العام الإنسانية . ولذلك ، فإن التاريخ لن ينسى أن يسجل لسموه يرحمه الله رحلة حافلة بالعطاء ، فلقد ارتبط اسم سموه بالعديد من المبادرات والبرامج والمراكز والمؤسسات الخيرية على مستوى الوطن وخارجه . وفي هذه العجالة ، ومهما حاولنا أن نستوفي مسيرته يرحمه الله ، فالمقام لايسعف للاستقصاء والشمول ، والكلمات تعجز أن تصور مايكنه الوطن ومواطنوه لسموه من ولاء ومشاعر وفاء وتقدير وعرفان . رحم الله أباخالد الذي كان يردد محبوه في حياته ما جاء على لسان «دايم السيف» : إن غابت الأخلاق تبقى سجاياك واذا انتهى المعروف يبقى الكرم فيك اسمك على فعلك يتوج مزاياك سلطان خلانك وسلطان أعاديك واليوم ، وبعد رحيله غفر الله له ، يردد محبوه أيضا ما جاء على لسان «دايم السيف» : عند الموادع دمع عيني غلبني طاحت بي الدمعة على كف سلطان أحب يمنى عمي اللي حشمني ومن لامني في حب سلطان غلطان وأجزم ، أن من يلوم هذا الوطن ومواطنيه في حب سلطان ، فهو غلطان. رحم الله سلطان الخير وألهم ذويه الصبر والسلوان «وإنا لله وانا إليه راجعون». [email protected]