تتحجر الدموع في المآقي.. تتوقف الكلمات والحروف.. فالمصاب جلل. بالأمس، فقد وطننا واحداً من أبنائه البررة، فقدنا جميعاً سلطان بن عبد العزيز .. فقدنا سلطان الخير الذي ظللت أعماله وجه الوطن، وامتدت يده لتقدم سلسلة طويلة من العطاء المخلص والوارف، على مدى عقود من حياته، التي قضاها في خدمة دينه، ثم مليكه وشعبه. لا أعرف ماذا أقول، وكيف أصف سلطان بن عبد العزيز ؟ صحيحٌ أنه لا راد لقضاء الله، وأن كل نفس ذائقة الموت، ولكن في هذه اللحظة، وفي هذا التوقيت، يكون الإحساس بالفقد مريراً، فما بالنا والفقيد رجل بحجم ومكانة أبي خالد؟ الرجل.. السيرة العطرة، والمسيرة الرائعة. الرجل.. سحابة الخير الممطرة، وابتسامة القلب التي تسع الجميع. الرجل.. العطاء الخالد، والتفاني غير المحدود. الرجل.. الذي لم يكن يبخل على أحد، فاستحق اليوم إحساس الفقد المر. الرجل.. الذي تتقزم كل كلمات الرثاء أمامه، ليبقى حتى بعد مماته، شامخاً عملاقاً، كما كان في كل حياته. الرجل.. الذي نشيّعه بالحزن، والأسف، ولكن في نفس الوقت، نشعر أنه لم يغادر سوى دنيا فانية، إلى جنةٍ عريضةٍ واسعةٍ ورحمةٍ أبديةٍ بإذن الله. الرجل.. الذي اقترب من الجميع، وفتح لهم عقله وصدره، فلم يشعروا أبداً، إلا أنهم أمام أب، وأخ وصديق ورفيق درب، وشريك مواطنة. كثيراً ما كنا كإعلاميين حينما نرافقه في جولاته المحلية أو الخارجية، نرى مدى حرصه على أن يكون بيننا، لا مسافة تفصله عنا، بل كان يؤكد دوماً على تلك الروح الطيبة، وكانت ابتسامته لا تفارقه أبداً حتى في أشد لحظات المرض قسوة وألما. كانت مداعباته وكلماته، لا تزال تدوي في النفوس، لتعلن عن أن هذا الرجل يملك مساحة هائلة من الحب، ويمثل كنزاً حافلاً بأعمال الخير، ورغبة في فعله ونشره بلا حدود. وإذا كنا ننعى للعالم، ولأمتنا، سلطان بن عبد العزيز، فإننا ننعى نموذجاً فذاً سيظل يذكره التاريخ وتخلده أعماله، لتبقى بيننا شاهداً حياً، على مكنون لم نفقده أبداً. وإذا كنا، نبكي اليوم، سلطان بن عبد العزيز، فإننا أيضاً نعزي أنفسنا، ونعزي وطننا، ونؤكد أن أفعال سلطان ستبقى بيننا، ندشن من خلالها مفهومنا للحياة على هذه الأرض، بكل ما نملك من عطاء، وبكل ما نأمل من خير. إذا كان سلطان قد مات، فإن ذكراه لن تموت، وستظل عطاءاته، وخيراته، تمشي على الأرض، تستلهم من كل من امتدت يده لتمسح عنهم أحزانهم ودموعهم، دعوات الرحمة والغفران. عزاؤنا للأب القائد عبد الله بن عبد العزيز، ولكل العائلة المالكة الكريمة، ولأسرة الفقيد، وعزاؤنا لكل مواطن سعودي، ولكل عربي ومسلم، ودعواتنا لفقيدنا الغالي بأن يسكنه الله فسيح جناته، ويرحمه ويغفر له.. {إنا لله وإنا لله راجعون}. إضاءة لسلطان : المملكة وضعت كل الأنظمة لخدمة المواطن وحمايته من الاعتداءات والمزايدات غير الصحيحة.