أصبحت البسمة على شِفاه الكثيرين عُملة نادرة، ولعل لهم أعذارهم في ذلك، بعد أن وصلت الحياة إلى هذا المستوى الذي نعيشه، من التعقيد والتناقص والحِدة في التعامل، نتيجة فقدان القيم وكثرة أوجه الفساد وتراجع حميمية العلاقات بين الناس، ولا ننسى ما يعيشه الإنسان العربي من ظروف صعبة في لهاثه الدائم لطلب لقمة العيش، وما يحاصره من أخبار تحيط به من كل الجهات الأصلية والفرعية، عن ضحايا الثورات والانقلابات والكوارث الطبيعية، إضافة إلى ما يُحاك ضده في السر والعلن من مؤمرات ودسائس على أيدي الأعداء من خارج وداخل بلاده، حتى أصبحت النكتة من النوادر والطرفة من الشوارد، والضحكة سبباً في عدم التفاؤل، حتى أننا نرى أحدهم يقول بعد أن يضحك كثيراً: (الله يستر من كثرة الضحك) وكأن الضحك ذنب، والابتسامة خطيئة. ومن الطبيعي في ظل هذه الأجواء المكهربة في العلاقات الإنسانية أن يكون الفرح كبيراً بأي بادرة للخروج من مأزق التشاؤم الذي يعيشه الإنسان العربي بعد أن سُدت في وجهه كل أسباب التفاؤل، وفي هذا السياق يأتي كتاب (الطرائف الأدبية) الذي صدر مؤخراً للأستاذ عبدالله بن احمد الشباط، ليذكّرنا بأن نوراً من التفاؤل علينا أن نحافظ عليه، وأن بارقة من الأمل علينا ان نسير إليها، لتظل البسمة على شفاهنا دليلاً على الفرح، والنظر إلى الحياة بتفاؤل، وقد طاف بنا المؤلف في هذا الكتاب عبر العصور، في بحثه عن الطرائف الأدبية التي مرّت على أدبائنا العرب في ماضي وحاضر تاريخ الأدب العربي في نثره وشعره، لذلك هو يعتبر كتابه استراحة لأولئك (الساعين في دروب الحياة طلباً لرزق يسترهم أو مجدٍ يرفعهم، دون أن يقتنصوا من أوقاتهم لحظات تستريح فيها نفوسهم وتنشط عقولهم). من الطبيعي في ظل هذه الأجواء المكهربة في العلاقات الإنسانية أن يكون الفرح كبيراً بأي بادرة للخروج من مأزق التشاؤم الذي يعيشه الإنسان العربي بعد أن سُدَّت في وجهه كل أسباب التفاؤل، وفي هذا السياق يأتي كتاب (الطرائف الأدبية) الذي صدر مؤخراً للأستاذ عبدالله بن احمد الشباط، ليذكّرنا بأن نوراً من التفاؤل علينا أن نحافظ عليه، وأن بارقة من الأمل علينا ان نسير إليها، لتظل البسمة على شفاهنا دليلاً على الفرح، والنظر إلى الحياة بتفاؤل.وهو في كتابه هذا يعرف الضحك والنكتة والطرائف واللطائف والظرف والظرفاء والتطفل والمتطفلين، وحكاياتهم مع الخلفاء والولاة، ويورد نماذج من طرائف الشعراء والأدباء، مما يجلب الابتسامة، ويُعيد للنفس توازنها لمواجهة قسوة الحياة وعنتها، وكذلك حكاياتهم في التخلص من المواقف الحرجة، وتحويل المواقف الدرامية إلى مواقف كوميدية فد تنقذهم من جزاء مستحق، أو عقاب نافذ، وبأسلوبه البعيد عن التعقيد، يورد المؤلف الجانب المرح من حياة عدد من أعلام العرب في الماضي والحاضر، مستشهداً ببعض المواقف والأقوال والأشعار المعبِّرة عن سرعة البديهة وخفة الظل، وما يرسم الابتسامة على شفاه القراء، دون أن يتخلى عن ذكر الهدف والفائدة المستقاة من تلك النماذج التي يستشهد بها في جوانب مختلفة من الحياة، متنقلاً في ذلك عبر العصور، ودون التقيّد بالتسلسل الزمني لتلك الأمثلة والنماذج التي قدَّمها لقرائه، فهو يتحدث حيناً عن حكاية حدثت في عصر ما، وتليها طُرفة حدثت في عصر بعيد، لذلك هو ينتقل من موضوع إلى آخر، لينتقي من كل عصر ما يخدم موضعه، وينسجم مع روح ذلك الموضوع، لا فرق في ذلك بين حديث وقديم، وحتى من عرفهم من الشعراء والأدباء، أورد بعض المواقف أو الأقوال أو الأشعار التي استشهد ببعضها في ثنايا كتابه، وهو عندما يتحدّث عن فئة، ينصرف إلى البحث وإيراد المعلومات الوفيرة عن موضوعها، وعلى سبيل المثال عندما يتحدّث عن المدخنين، يورد معلومات عن الدخان وتاريخه وأنواعه ومصادره وأسمائه، قبل أن يورد ما يتعلق به من الطرائف، ولعله من المناسب هنا ما دمنا نتحدث عن الدخان.. أن نورد هذه الأبيات (عن الشيشة): وساحرة كتمثال تراها تنافَس عاشقوها في هواها شوت أكبادهم بسعير نار بها فتنوا وما ألفوا سواها لها ليٌّ كثعبان تبدَّى إذا ما التف منها والتواها تكركر كلما يمتص منها تخلع في هواها من أتاها كنقنقة الضفادع في ضجيج تضجّ فكحكحوا صرعى هواها تبيع السمّ منها فاحذروها ألا يا قوم واجتنبوا وباها ولم يذكر المؤلف صاحب هذه الأبيات، وبمثل هذا الكتاب نستطيع ان نعيد شيئاً من البسمة المفقودة، إلى شفاهنا ووجوهنا العابسة، كأننا نريد أن نزيد الحياة تجهُّماً أكثر مما هي عليه في حقيقتها الواقعة.