في البدء، أود الإشارة إلى سعيي عرض سلسلة من الأفكار والمفاهيم المتعلقة بحماية حقوق ومصالح المستهلك، ولأن الموضوع محلياً أصبح بالياً هرماً ومحبطاً، فقد رأيت أن أعرض هذه الأفكار في سياقها الدولي أولاً، ثم نقترب شيئاً فشيئاً عربياً، بعدها خليجياً حتى نصل في نهاية المطاف إلى بلورة رؤية عادلة لملف حقوق المستهلك محلياً. تاريخياً، كان خطاب الرئيس الأمريكي جون كينيدي (15 مارس 1962م) في الكونجرس الأمريكي والذي أوجز فيه رؤيته لحقوق المستهلك هي المرة الأولى التي يصل فيها ملف حقوق المستهلك إلى المنصات السياسية، حيث أكد جون كنيدي على أن المستهلكين هم أكبر مجموعة اقتصادية تؤثر وتتأثر بالقرار الاقتصادي، مؤكداً في الخطاب نفسه على أنها المجموعة التي لا تُسمع وجهة نظرها على الرغم من أهميتها. أدعو إلى التدقيق في مفهوم الاستهلاك المستدام، المفهوم الذي يمتد أثره من الحاضر إلى المستقبل، خصوصاً عندما يؤكد المفهوم على أهمية عدم رهن خيارات الأجيال القادمة، فبالاقتراب لمشكلة السكن –أهم مشاكل المستهلك في المملكة- نجدها واحدة من نتائج معضلة العقار وبعد ثلاث وعشرين سنة من هذا التاريخ (مدة تحتاج لدراسة وتأمل) أقرت الجمعية العامة لهيئة الأممالمتحدة المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك (16 أبريل 1985م)، وقد حددت بها ثمانية حقوق للمستهلك: الحق في إشباع احتياجاته الأساسية، الحق في السلامة، الحق في أن يستمع إليه، الحق في الاختيار، الحق في إعطائه المعلومات، الحق في الإنصاف والتعويض، الحق في التعلم والتثقف (استهلاكياً)، الحق في بيئة صحية. ومن المهم الإشارة إلى أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي دعا إلى الاستهلاك المستدام، ويعني: إتاحة خيارات التحرك للمستهلكين والمنتجين بحيث يكون الاستهلاك كافلاً الحاجات الأساسية للجميع وبانياً للقدرات البشرية، على أن لا يؤدي استهلاك البعض إلى تعريض رفاه الآخرين للخطر ولا يرهن خيارات الأجيال القادمة. بالإضافة إلى إقرار مجموعة من التوجيهات التي تضمن مصلحة المستهلك في إطارها الدولي، إلى هذا الحد نقف دولياً. ولكون المقال لا يسمح بالتوسع وعرض الأفكار الفرعية أوجه القارئ إلى التأمل والتدقيق في موضعين: التأمل في الحقوق الثمانية المصاغة بحيث تشمل مجمل جوانب الاستهلاك وعلاقته بالتاجر والجهات الحكومية، الحقوق التي من خلالها سنقيم - في المقالات التالية- أداء الجمعيات والمنظمات المهتمة بحقوق المستهلك، ومن خلالها سنؤطر عملياً وجهة نظر واقعية لممارسات استهلاكية واعية. وللأهمية، أدعو إلى التدقيق في مفهوم الاستهلاك المستدام، المفهوم الذي يمتد أثره من الحاضر إلى المستقبل، خصوصاً عندما يؤكد المفهوم على أهمية عدم رهن خيارات الأجيال القادمة. فبالاقتراب لمشكلة السكن –أهم مشاكل المستهلك في المملكة- نجدها واحدة من نتائج معضلة العقار لا أكثر، العقار: هذا السوق الذي عانى الأمرين من الممارسات الاستهلاكية والإنتاجية الجائرة، الأمر الذي عرَّض رفاه ما يفوق 70 بالمائة من السعوديين إلى الخطر بالإضافة لرهنه لخيارات الجيل القادم وهم الشباب الذي أخذت علامات الإحباط ترتسم على جباههم. فهم السياق الدولي لمفهوم حقوق المستهلك وأطر حماية مصالحه سيساعد على فهم أوضح وأعمق لهذا المفهوم في السياق الإقليمي...فإلى لقاء عربي. مستشار في اتحاد الغرف الخليجية