ذكرت في مقال سابق أن الكرة السعودية الآن تعود الى الطريق الصحيح بعد أن ظلت سنوات طوال تسلك المسار الخاطئ حتى وصلت الى الهوة السحيقة . تعادلنا مع منتخب تايلند على أرضه وشعر المشاهد الرياضي أن المنتخب السعودي قد فرض أسلوبه في اللعب بل وحاصر الخصم في ملعبه , وعلى الرغم من أن النتيجة غير مرضية لأنصار منتخب كان يتسيد القارة إلا انها أعطت مؤشرا ايجابيا لتحسن الأوضاع الفنية تدريجيا , والذين غضبوا من هذه النتيجة عليهم أن يتذكروا أن منتخبنا وقبل أشهر بسيطة قد خسر من منتخبي سوريا والأردن وخرج من البطولة الآسيوية من دورها الأول ، لذا فما تحقق أراه من وجهة نظري على الأقل يدعو للتفاؤل ، ولكن ما أخشاه على مسيرة التطوير الحالية هو سطوة الإعلام الرياضي ونقده الحاد والقاسي في مرات عدة . صحيح أن الجميع يأمل في مشاهدة منتخبنا الوطني وهو يحتل المراتب العليا ولكن هذا الأمر لن يحصل أمام هذا التيار الهادر من النقد المزعج بل والقاتل في بعضه , يجب أن نحتكم للغة المنطق والعقل .. فالعودة لموقع الكرة السعودية السابق في القارة الصفراء يحتاج إلى الوقت والبناء بهدوء وتريث ودون ضغوطات .. الكرة السعودية خسرت الكثير نتيجة لأخطاء فادحة ، وظلت لسنوات طويلة تعاني آثار مجموعة أعمال ارتجالية لاداعي لإعادة ذكرها الآن ، وهي للتو بدأت تصحيح المسار والعمل وفق ضوابط وأسس سليمة .. ما أرجوه من إعلامنا الرياضي بشتى صوره ألا يكون وسيلة ضغط جائره تؤثر سلبا في مسيرة التصحيح ، بل أن يقف هذا الإعلام يدا بيد مع القيادة الرياضية الساعية بجهد لتحقيق رغبات شباب هذا الوطن , وأن يتخلص من بعض منسوبيه الذين لازالوا يهرولون باتجاه ألوان أنديتهم ، أو ممن لا يستطيع التمييز بين المصالح الخاصة والمصلحة الوطنية ، أو من يحاول وفق منظوره الأجوف والأبله أن يشكك في حرية اختيار المدرب لعناصر المنتحب , أو الإيحاء بطريقة مكشوفة ومعروف مغزاها بتدخل الواسطة والميول في أعمال إدارة المنتخب ! صحيح أن الإعلام شريك مهم في عملية البناء والتطوير ولكن ما أراه اليوم أنه أصبح أداة سلبية أقرب للهدم منها للبناء , بعد أن فقد هذا الإعلام السيطرة على مفرزاته نتيجة غياب الفكر القادر على التمييز والتمحيص والتقيم . « ما أخشاه على مسيرة التطوير الحالية هو سطوة الإعلام الرياضي ونقده الحاد والقاسي في مرات عدة . صحيح أن الجميع يأمل في مشاهدة منتخبنا الوطني وهو يحتل المراتب العليا ولكن هذا الأمر لن يحصل أمام هذا التيار الهادر من النقد المزعج بل والقاتل في بعضه , يجب أن نحتكم للغة المنطق والعقل» فأنا لا أتصور كيف يمكن لأي كاتب أو ناقد رياضي مثلا أن يقيم عمل إدارة المنتحب وهي لم تمض على استلام مهامها أكثر من أشهر معدودة ! ولا أتخيل أيضا كيف يمكن لكاتب أو ناقد رياضي أن يحكم على أداء مدرب المنتخب وهو لازال جديدا على منطقة الخليج برمتها !! ولا أعلم حتى اللحظة ماهي الدلائل التي يستند عليها بعض الكتاب في حديثهم عن المجاملات والوساطات وغيرها من الأشياء التي نشمئز من سماعها أو قراءتها ؟! أنا لا أحمل مسئولية مانسمعه أونقرأه من غثاء للكاتب أو الناقد بل المسئولية أراها تنسب للمسئول الأول عن الوسيلة الإعلامية .. فهم أولا من نتوسم فيهم الدراية والمعرفة والقدرة على التفريق بين ماهو داء وما هو دواء ، وهم قبل غيرهم من نعتقد بقدرتهم على التمييز بين النقد المراد فيه المصلحة العامة وبين التهريج الذي لا يؤدي إلا لمزيد من الإنكسار ، وهم وحدهم من نتأمل فيهم العمل لصالح الوطن لا لصالح الألوان المفضلة والأهواء وإثارة الفتن والشحناء بين أطياف مجتمع واحد . هي مسئولية جسيمة وكبيرة ولكن يجب على من أنيطت به أن يكون أهلا لهذه المسئولية أو أن يتنحى ويفسح المجال لمن هم أكثر شجاعة ووطنية لوضع حد لكل ألوان السفه الإعلامي . هذا لايعني أنني أدعو لتكميم الأفواه أو مصادرة الحق في إبداء الرأي ولكن من الطبيعي إن كان هذا الرأي فاسدا أن يتم بتره كي لا يعم ضرره . فنحن وفي هذا الوقت الحرج الذي تمر به الكرة السعودية ومع قدوم بشائر الصحوة الكروية لانريد أن نخسر هذه البداية التي رأيناها في تايلند ، لنكن داعمين للمسئولين عن المنتخب السعودي ولجهازه الفني والإداري ، علينا أن نمنحهم الفرصة كاملة دون وصاية أو ضغوط أو تأليب ، علينا أن نشجع كل لاعب يختاره مدرب المنتخب وأن نشد من أزره ونعمل على توجيهه وإرشاده بلغة سهلة ولطيفة ومحببة وأن نكف عن التشكيك في اختياره والإنقاص من قدراته بالهمز واللمز والإسقاط المزعج ، يجب أن نتوقف ولو لبرهة عن المطالبة بالانتصارات والبطولات على الأقل في هذه الفترة تحديدا , فهي تشكل ضغطا رهيبا على اللاعبين والمدرب والجهاز الإداري أيضا ، وهو مايجعلهم يفشلون كثيرا في تقديم مالديهم نتيجة للمطالبات القاسية المسلطة عليهم . لنترك المدرب يعمل في بيئة صحية ونقية ، بعيدأ عن رغبتنا الملحة في التأهل لكأس العالم , فمايعنينا ويهمنا كثيرا الآن أن نشاهد منتخبنا الوطني يقدم الأداء المقنع والممتع ، وأن نشاهد نجومنا يلعبون بروح وفدائية وإخلاص وتحمل للمسئولية , ويهمنا أن نشاهد نجومنا يؤدون داخل الملعب بإصرار كبير وحماس ورغبة طاغية للفوز ، هذا ما نأمله ونرجوه في هذا الوقت تحديدا وهو متى ماتم فإنه كفيل بعودة الكرة السعودية على رأس الهرم الآسيوي مجددا بل وكفيل أيضا بدخولنا المحفل العالمي بصورة أكثر جمالا وقوة من السابق . [email protected]