كان الجميع قبل مواجهة المنتخبين السعودي والعماني يرى أن خسارة المنتخب التايلاندي من الأسترالي تعني خروجه النهائي وانحسار المنافسة بين السعودية وعمان ويكفي الأخضر السعودي الفوز ليحسم الجدل، بل إن بعض المحللين خرج بعد خسارة تايلاند وعلى الهواء ليعلن أنها فقدت فرصة تحقيق التأهل وأن الفرصة الآن للأخضر بعد أن صار المنافس الوحيد هو المنتخب العماني. التحليل الخطير ليس في انفراد هذا المحلل أو ذاك، بل هو شعور كان موجوداً في عقول الكثير من الناس وهذا الخطأ ليس فنياً لعدم القدرة على قراءة الأمور الفنية، بل هو وقوع في الإسقاط بدون أن يشعر هؤلاء، حيث إن هذه الرؤية تؤكد على أن الشارع الرياضي كان واثقاً من الفوز على عمان وبالتالي لم يكن في الحسبان أن تكون النتيجة تعادلاً يعطي الفرصة من جديد، وهذا الإحساس له سلبيات كثيرة أهمها أن اللاعب يكون تحت ضغط من الصعب احتماله والجماهير في حالة نشوة لا يمكن معها تقبل غير الفوز بديلاً، وللأسف إن إعلامنا هو من صنع هذه الروح في المجتمع السعودي، فمرة تقليل من قدرات اللاعبين وتحطيمهم بعدم القدرة على تحقيق المكتسبات، وفي المقابل المطالبات الشرسة بالفوز وتحميلهم فوق طاقتهم من النقد الجارح وغير المبني على أسس فنية، فضلاً عن تحجيم انتصاراتهم والتقليل منها بالنظر إلى التاريخ، وهذا دليل على إفلاسهم في تحقيق رؤية ثابتة تعتمد في الأساس على مبادئ راسخة أهمها الحب للمنتخب والغيرة على المصلحة العامة والبحث عن الحقيقة وعدم التشبث بالرأي والخوف من الله في سلامة النوايا لأن هذه الآراء قد تكون سبباً في الظلم فلا يتقصد الخطأ، وإن أدرك أنه وقع فيه فعليه العودة للصواب والاعتذار ممن أساء التقدير بحقهم، والمشكلة التي تواجه الكثيرين في النقد هي تبني الأفكار، فالناقد الحقيقي هو الذي يشخص الداء ويبحث عن العلاج وحينما يرى تغييراً في المنقود عليه أن يبرزه، لكن نحن للأسف نعاني من الذين يقولون شيئاً ويقاتلون من أجل أن يتحقق ما قالوه، فمثلاً قبل لقاء تايلاند خرج البعض ليؤكد أن المنتخب ضعيف وأن الكرة السعودية في هبوط مستمر وأن تطور المنتخب التايلاندي سيكون كارثياً، وعندما سحق الأخضر غريمه المتطور بالثلاثة كان على هؤلاء أن يفرحوا ويباركوا لأن الأخضر استطاع أن يخرج ولو قليلاً من الحالة النفسية ويتعافى من ظروف كثيرة يطول شرحها لكنهم كشفوا عن رغبات إسقاطية لأن توقعاتهم بالخسارة لم تكن صحيحة، وتحول البعبع التايلاندي المتطور الذي سحق عمان وأحرج أستراليا إلى منتخب عادي وضعيف ولا يملك سجلاً تاريخياً، بل طالبوا بعدم الفرح واستبداله بالحزن والتكشيرة التي يتفننون بها، ولا أدري لماذا يفرح الأستراليون بالفوز على تايلاند بشق الأنفس وفي آخر الدقائق وهي أولى المواجهات ونحن نطالب بعدم الفرح، ثم إن التاريخ لم يشفع للكويت وكوريا الجنوبية والإمارات بالفوز على لبنان والاعتماد بالنقد على التاريخ مشكلة لأن هذا يدل على عدم متابعة أو قراءة للأحداث.