أعرف منذ زمن، أننا بلد مُستهلك، أكثر منه مُنتج، نأكل ونلبس مما لم تزرعه أو تصنعه أيادينا، ونمتطي مركبات من صنع أمريكا واليابان، ونستهلك عطوراً من فرنسا، حتى الغترة والعقال، تأتينا جاهزة من سويسرا، لكن لم أتوقع أن استهلاكنا قد فاق كل التوقعات، وبلغ مرحلة «الخطر» خاصة عندما يصل إجمالي وارداتنا في عام 2010 فقط الى 400 مليار ريال، أي بمعدل 33.3 مليار كل شهر، أي 1.1 مليار كل 24 ساعة، وهي نسبة تؤكد أننا «غارقون» حتى النخاع في الاستيراد «العشوائي» و «غير العشوائي»، وبالتالي علينا أن نتحمل نتيجة هذا الصنيع في أوقات قد لا نجد فيها من يبيع لنا منتجاته ولو بأعلى الأثمان. أدعو إلى استثمار طاقات الشباب «العاطل» الذي لا ينتظر سوى الفرصة لإثبات نفسه في سوق العمل، هذا الاستثمار في استحداث صناعات جديدة على المجتمع، تقلل من حجم الاستيراد، وتوفر وظائف للشباب. لن أناشد الموردين السعوديين بتقليص إجمالي وارداتهم، أو بتوعية أفراد المجتمع بتخفيف حدة الاستهلاك، وإن كانت هذه الأشياء بدهيات، لابد من القيام بها من منطلقات وطنية ودينية، تدعو إلى عدم التبذير والإسراف، وإنما فقط أدعو إلى استثمار طاقات شباب «عاطل» لا ينتظر سوى الفرصة لإثبات نفسه في سوق العمل، هذا الاستثمار في استحداث صناعات جديدة على المجتمع، تقلل من حجم الاستيراد، وتوفر وظائف للشباب، وأعني بالأمر قطاع السيارات، التي نستهلك منها 700 ألف سيارة كل عام، وتكلفنا 51 مليار ريال، يحدث هذا في الوقت الذي نملك فيه آلاف الشباب المتمكنين من ميكانيكا السيارات، وصيانتها، وبعضهم قادر على تفكيك وتركيب سيارته، هؤلاء سيرحبون بتدريبهم على صناعة السيارات، أو أجزاء منها، وأعتقد أن مبلغ ال «51» ملياراً يكفي لبناء مصنع سعودي، يساهم في صناعة سيارات، ولو أننا تنبهنا للأمر منذ سنوات، لكنا اليوم نحصد ثمار جهدنا. الأمر نفسه ينطبق على بند الغذاء، الذي ننفق عليه 63 مليار ريال سنوياً، وهو مبلغ يعادل ميزانيات دول صغيرة، وأعتقد أنه ليس لدينا العذر في الاعتماد على أنفسنا في صناعة غذائنا بأنفسنا، فلدينا المال، والأراضي الشاسعة والأيدي العاملة، وعلينا أن نتذكر أنه قبل ثلاث سنوات، منعت الهند تصدير الأرز لنا، لسد حاجة شعبها من الغذاء، رغم حاجتها للعملة الصعبة، وفي هذا تحذير بأن المال قد لا يضمن لنا تأمين حاجتنا من السلع والغذاء، وعلينا الاعتماد على أنفسنا، على الأقل فيما نأكل ونركب. [email protected]