طالب اقتصاديون بضرورة إعادة النظر في قرار وقف زراعة القمح في 2016 والتوجه كليا إلى استيراد حوالى 3 ملايين طن سنويا تزيد بنسبة 5 في المئة على أقل تقدير كل عام. وأشاروا في تصريحات ل«عكاظ» إلى أن الاعتماد على الخارج كليا يهدد الأمن الغذائي للمملكة، خصوصا أن القمح سلعة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها، موضحين أن زراعة البرسيم تستنفد 5 أضعاف كميات المياه المستخدمة في القمح على مدار العام، كما أن فترة زراعة القمح لا تستمر أكثر من 4 شهور في العام، وقد يواكبها هطول أمطار في فصل الشتاء فتقل الحاجة إلى المياه. بداية عبر الاقتصادي الدكتور حبيب الله التركستاني عن مخاوفه من وقف انتاج القمح كليا في العام 2016 لطبيعة القمح كسلعة استراتجية يصعب الاستغناء عنها، مشيرا إلى أن غالبية الدول تسعى إلى زيادة انتاجها من السلع الأساسية محليا لتحقيق الأمن الغذائي، معتبرا أنه كان الأجدى النظر إلى سلع أخرى مثل البرسيم التي تستهلك 5 أضعاف ما يستهلكه القمح من المياه. وقال إن الهكتار الواحد (10 آلاف فدان) يحتاج إلى 35 الف م 3 من المياه، فيما يستهلك القمح حوالى 7 آلاف م3 لنفس المساحة. ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في الدراسات المتعلقة باحتياطات المملكة من المياه الجوفية والحفر العشوائي للآبار. وبرر مخاوفه بموجات الجفاف والاحتباس الحراري التي توثر على الكميات المنتجة سنويا، ما قد يهدد تأمين الكميات المطلوبة من القمح، مشيرا إلى أن بعض الدول التي تعتمد على الاستيراد بنسبة كبيرة عانت خلال العامين الماضيين في توفير احتياطاتها واحتياجاتها من القمح. وأيد الاقتصادي عصام خليفة عضو جمعية الاقتصادي السعودي، الدكتور حبيب الله في ما ذهب اليه، مشيرا إلى أن المملكة تستورد حاليا 1.9 مليون طن من القمح مقابل مليون طن يتم توفيرها من الداخل، على أن تتقلص هذه الكمية سنويا بنسبة 12.5 في المئة. وقال إن فاتورة استيراد المليوني طن من القمح حاليا تصل إلى 2.5 مليار ريال وفقا للاسعار الراهنة المقدرة ب 334 دولارا للطن، مشيرا إلى أن هذه التكلفة مرشحة للارتفاع بنسبة 5 في المئة، ما سيرفع فاتورة استيراد القمح إلى اكثر من 4 مليارات ريال في 2016. وشدد على أن الامن الغذائي لا يقل أهمية عن الأمن المائي، مؤكدا أنه بقليل من الحكمة والتدبير يمكن توفير كميات كبيرة من المياه بدءا من ترشيد استخدام المياه في غسيل السيارات، ومرورا بالتوسع في استخدام المياه المعالجة ثلاثيا في ري المزروعات والصناعة، وكذلك تقليص الكميات المزروعة من المحاصيل التي تستهلك كميات أكبر من المياه مثل البرسيم، وحسن استغلال مياه الأمطار التى يتم تجميعها في السدود. واشار إلى ضرورة معالجة الاشكاليات التي تواجه المزارعين ومن أبرزها ضعف التسويق والحد من إغراق السوق السعودي بالمنتجات المستوردة والتوسع في أساليب الري الموفرة للمياه. وقال إن التوجه إلى استيراد القمح بالكامل سيستلزم إنشاء صوامع كبيرة الحجم لطحن الغلال خصوصا أن الاحتياج سيشهد زيادة سنوية. أما الاقتصادي عبدالله الغامدي فاستغرب الاصرار على تحويل المملكة من دولة منتجة ومصدرة للقمح إلى دولة مستوردة لغذائها من الخارج، مشيرا إلى أن فترة السبعينيات والثمانينيات الميلادية انتجت المملكة 4 ملايين طن من القمح سنويا. ولفت في هذا السياق إلى ضرورة إعادة النظر في مشاريع الألبان التي تستهلك كميات ضخمة من المياه، موضحا أن انتاج لتر واحد من الالبان يستهلك 4 إلى 5 لترات من المياه. وشدد على أهمية تعاون وزارتي المياه والزراعة في إعداد استراتجية موحدة لتحقيق الامن الغذائي والمائي، على أن يؤخذ بعين الاعتبار أهمية السلع الاستراتجية والسلع الاخرى التي يمكن توفيرها من الخارج بسهولة. واستغرب ارتفاع استيراد المملكة للشعير إلى 7 ملايين طن سنويا، يتم دعمها ماليا في حين لم تتحقق الأهداف المرجوة من هذا الدعم في كبح أسعار اللحوم التي تسجل أرقاما قياسية على المستهلك. إلى ذلك قدر مصدر في مؤسسة الصوامع ومطاحن الدقيق كميات القمح المستوردة من الخارج حاليا بحوالي مليوني طن سنويا متوقعا الاعتماد كليا على الاستيراد من الخارج في 2016. وأكد قدرة المؤسسة على توفير كل الاحتياجات من القمح من الخارج مقللا من شأن المخاوف التى تتردد بهذا الشأن حاليا.