في الآونة الأخيرة .. فتح الباب على مصراعيه لمشاركة الفتاة السعودية في الاستبيانات واستطلاعات الرأي التي ترّوج لها بعض مواقع الانترنت، وذلك من خلال اقتحام الخصوصية المفقودة لحسابات البريد الالكتروني، إذ يفاجأ المتصفح للبريد دعوات تلك الشركات للمشاركة في استبيانات الرأي لتعيد هذه الشركات بيع منتجها من نتائج هذه الدراسات حول منتج ما أو فكرة ما إلى الشركات والمصانع الكبيرة والعالمية أحيانا، ويكون ذلك وفق اتفاقات مسبقة معها لتحسين جودة خدماتها, وهذه ظاهرة عالمية معروفة وقديمة في مجالات التسويق إنما الجديد فيها هو تكثيف التوجه نحو الفتيات السعوديات بالذات وطرح الأسئلة المنوعة عليهن مقابل مكافأة تتمثل في بعض النقاط جراء المشاركة في كل استبيان، والملاحظ اندفاع العديد من الفتيات نحو هذا التوجه والمشاركة فيه رغم حساسية بعض الأسئلة وخصوصيتها, فهل هذا التوجه مقبول شكلا ومضمونا ؟ وما حجم فائدته وماذا يدور .. خصوصية في البداية تحدثت نجلاء صالح عن تجربتها حول محور موضوعنا فقالت :» شدتني الدعوة المتكررة التي تظهر لي دائما في صفحة بريدي الإلكتروني للتسجيل في موقع للاستفتاء، وبالفعل سجلت وكنت مواظبة على المشاركة في استطلاعات الرأي حول الكثير من الآراء والسلع مقابل تسجيل مجموعة من النقاط أستطيع أن أحولها إلى كابونات مشتريات من بعض المحلات الشهيرة، وفي الواقع هذه الظاهرة مفيدة تنمي ثقافتنا في بعض الجوانب الاستهلاكية .. ولكن غالبا هم يصرّون على الأسماء الصريحة وصورة جواز السفر عند استبدال النقاط .. وهذا ما يمكن أن يكون مفتاحا لانتهاك بعض خصوصية المرأة السعودية !!» . الفراغ والبحث عن الذات هم كبير في واقع ثقيل قد يدفع بالمرء إلى ما لا يحمد عقباه، .. وهذا بالضبط ما ينطبق على بعض فتياتنا بينما يتعاملن مع العالم بأسره عبر البوابات الإلكترونية، وبالتالي فهن يهربن مدفوعات تجاه التجربة على أمل الخروج بأكبر قدر ممكن من المكسب المادي السهل ! استغلال سيئ ومن جانبها تتحدث فاطمة عبدالله حول موضوع الاستبيانات التجارية فتقول :» الفراغ والبحث عن الذات هم كبير في واقع ثقيل قد يدفع بالمرء إلى ما لا يحمد عقباه، .. وهذا بالضبط ما ينطبق على بعض فتياتنا بينما يتعاملن مع العالم بأسره عبر البوابات الإلكترونية، وبالتالي فهن يهربن مدفوعات تجاه التجربة على أمل الخروج بأكبر قدر ممكن من المكسب المادي السهل !! .. ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد .. فهو أخطر مما نتصور، .. وأخطر بصفة خاصة على الفتاة التي تتعامل مع الإنترنت بلا حدود أو ضوابط ذاتية ..، وبالتالي فمن الممكن أن تستغل بعض المواقع الإلكترونية المعلومات الشخصية للمشاركة في تحقيق مصالح خاصة.. وهذا ما كاد يحدث معي لولا لطف الخبير العليم .. فذات مرة فوجئت باتصال على هاتفي الخاص « المسجل باسمي « من شخص يدعي أنه يعرفني ويعرف معلوماتي الشخصية .. وكان يتحدث بصيغة الابتزاز على أن يحقق له غرضا دنيئا، وبعد عدة اتصالات منه وإلحاح بلغت الجهات الرسمية التي تتبعت مصدر الاتصال وألقي القبض عليه فاتضح أنه يعمل لدى إحدى الشركات التي تسوق أدوات التجميل والماكياج عبر الإنترنت، وتذكرت عندئذ أنني شاركت في بعض الاستبيانات لهذه الشركة عدة مرات على أمل الحصول على بعض كوبونات الشراء من سلع هذه الشركة !» هكر من الشركة وتؤيد سلمى حميد ما جاءت به فاطمة .. وتستشهد سلمى بتجربة ذاتية مرة فتقول :» شاركت مرة واحدة في منتدى لموقع تجاري يروج « ملابس نسائية « لماركات عالمية، وكان ذلك طبعا من خلال الإنترنت وبواسطة بريدي الإلكتروني، وقد فوجئت من اليوم التالي بأن أحد ( الهكر ) دخل إلى الإيميل وسحب جميع رسائلي ومعلوماتي الشخصية وكذلك صوري الشخصية، الأمر الذي أثار جنوني خاصة بعدما أصبح يبتزني بإرسال صوري على إيميلي الخاص أو أن أرضخ لمطالبه !!، وفي يوم من الأيام حاولت أن أستدرجه فتحدثت معه بالماسنجر وأخيرا اعترف لي أنه يعمل في قسم التسويق لشركة الملابس التي تعاملت مع استبياناتها « مريم : هذه ثقافة تسويقية قديمة .. وليس لها أهداف سيئة في سياق الموضوع تؤيد بعض النساء السعوديات المشاركات في استبيانات الإنترنت .. وفي ذلك تقول مريم ناصر : «ربما تكون مواقع الاستبيانات جديدة علينا هنا .. إلا أنها ثقافة تسويقية قديمة تمارس العمل من خلالها شركات عالمية لأغراض تجارية، ولا أعتقد أن لها أهدافا أخرى مضرة بالمجتمع والفرد ، بل إنهم يغرون البعض منا بتكثيف المشاركات لنيل أكبر عدد من النقاط والمكافآت النقدية، وأحيانا يحولونها لرسوم للدخول في مواقع للبحث عن شريك للحياة الزوجية وبعض الخدمات الاجتماعية الأخرى «، وتؤيد مريم زميلتها أفراح سعود فتقول : « كانت المشاركة في مثل هذه المواقع لمجرد التسلية وقضاء الوقت بدلا من الدردشات غير المفيدة عبر الفيس بوك أو الشات، وتحولت لدي مع الوقت إلى مهنة .. فقد سجلت بأكثر من اسم لاخواني وأخواتي لمجرد الرغبة في حصد أكبر عدد من النقاط, وللحق فإن الأسئلة في مجملها عامة ومتقنة من حيث الجانب التسويقي، ولم أجد فيها ما يضر بل .. أنا فعلا استفدت من الكوبونات لشراء بعض الملابس وأعتقد أن هذا مفيد»، ومن تجربتها تصف الخريجة الجامعية آمال فهد عن هذه المشاركات بأنها مفيدة إذ قالت : « في زحمة إحباطنا من انتظار الوظيفة، وجدت في مثل هذه المواقع فرصة للتسلية وقضاء الوقت مع أسئلتهم المنوعة، فهي ثقافة. كما نناشد بالعمل على قيام شركات محلية مماثلة هنا، فمعظم الأسئلة تدور حول سلوكيات مجتمعنا السعودي باعتباره سوقا ضخمة ومتنامية للسلع المفيدة وغير المفيدة، والكل يجتهد لاقتناص نصيبه من ناتج هذا السوق. كما أن الجهات المعنية بمنع مواقع الانترنت لم تقدم لنا رأيا حول فكرتها أو القيام بمحاولة حجبها، بل أدعو فتياتنا للاستفادة من نقاطهن وجوائزهن».