يقول د. صلاح الراشد: إن الفكرة إذا كانت تنشئ سلوكا، وبالتالي تكون عادات تشكل شخصية الإنسان فإنها إذا أصل التعمير أو التدمير. من يتصور أن الفكرة التي تولد منها نكتة قد تكون معول هدم اجتماعي خطيرا، على الرغم من أن الأفراد يتقبلونها ويتبادلونها على أنها مخرج ومتنفس فهي تضحكهم على مشاكلهم وهمومهم، وهي بالفعل كذلك ولكن المؤسف أن ذلك الضحك على ما يبكي تحول إلى وسيلة تسببت بتبلد الإحساس بالمشكلة فظلت تكبر وتكبر وتمد يديها إلى المجتمع لتخنقه بعد أن كانت سببا في إضحاكه. لقد ظل الشعب المصري يضحك على كل عيوبه في السياسة والمجتمع لسنوات طويلة منذ عهد أنور السادات ليصل مجموع سنوات حكم السادات ومبارك 41 سنة. ترى كيف سيكون حالنا نحن لو تمادينا في التلذذ بالنكتة التي راجت لدينا مؤخرا ولعلها ظاهرة صحية في الانتقاد ولكن هذا لفترة محدودة فقط لو لم ننتبه له ستهزمنا النكتة وتضحك علينا كثيراتخيلوا 41 سنة من الضحك المبكي على الألم والعجز والفساد الشعب يلقي آخر نكتة والأنظمة تتداعى والفساد يمد جذوره في الأرض، حتى ظن الشعب أن كل دوره هو قول آخر نكتة فمد يديه ورجليه واستلقى على قفاه ضاحكا بأعلى صوته حتى غفا عن دوره هو تجاه كل ذلك وحتى صار هو عضوا فاعلا في جوقة الفساد والمفسدين بسكونه وركونه إلى نكتة تطيب خاطره وتبرد حره، إن العامل والمهندس والطبيب والمعلم وغيرهم ممن يتكون منهم أي مجتمع عندما لا يجدون الراحة إلا في النكتة ستحولهم النكتة إلى مجموعة من العاطلين رغم وجودهم على رأس العمل!. فالعمل بهم يسير ببطء وتعثر بلا روح.. بلا همة بلا رقابة ذاتية بلا أي محاولة جادة للاستقامة المنتجة.. كل ذلك في مصر رغم أنهم لا يعانون من عمالة خارجية فلا هندي ولا بنغالي ولا غيرهما.. ترى كيف سيكون حالنا نحن لو تمادينا في التلذذ بالنكتة التي راجت لدينا مؤخرا ولعلها ظاهرة صحية في الانتقاد ولكن هذا لفترة محدودة فقط لو لم نتنبه له ستهزمنا النكتة وتضحك علينا كثيرا. صور الفساد الإداري التي نتناقلها كدلائل في "النت" من المسؤول الأول عنها، إنه أنا وأنت وذاك.. صور العمالة التي تنشر شراشف مرضى مستشفى الدمام المركزي في الهواء الطلق والآلات كثيرة ولكنها لا تعمل وأحدهم وهو يضع الشراشف والآلة تعمل وبابها مفتوح والآخر الذي يحمل ما يحمل وهو يرتدي "الوزار" والفانيلة العلاقي، من المسؤول الأول عنهم ومن الثاني ومن الثالث؟. الفساد يبدأ بنا وينتهي بنا.. وللموضوع بقية...