طلعت السادات هو أحد الوجوه التي يزخر بها المشهد المصري بعد الخامس والعشرين من يناير، لا يذكر اسمه الا وصحا معه في الذاكرة تاريخ طويل من تاريخ مصر، فالرجل هو ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، ومن هذا حظي بكثير من الاهتمام من ناحية ودفع ضريبة فادحة من ناحية أخرى، أقلها أن زج به في السجن الحربي بلا سبب الا أنه ربما حاول أن يتصدى لكثير من مظاهر الفساد.. ويومها قالوا " انه شتم القوات المسلحة " ووحده الذي لا يعرف حتى الآن متى أو كيف شتمها.. من هنا، من كونه كان برلمانيا سابقا وأحد المحامين اللامعين، ومن نشاطه ومعايشته لأحداث يناير 2011م كان لنا معه هذا اللقاء.. * سمعناك كثيرا، ونكاد نلم بكل أفكارك وقناعاتك، وانما نريد أن نعرف منك مباشرة كيف ترى المشهد المصري الآن وبعد مرور شهرين على حركة يناير ؟ - الذي لا شك فيه أن مصر بعد أحداث يناير قد اختلفت تماما، ربما لأن مصر في السنوات الأخيرة كانت قد تخلت عن مواقعها أو كادت على الصعيد الدولي والعربي وبالتالي فأي تغيير لن يكون الا لصالح استعادتها لتلك المكانة.. ولعلك قد لاحظت أن الجميع في مصر الآن، من كل الطبقات وكل الأطياف يتكلمون بحرية وشجاعة غير مسبوقتين، وطبيعي أن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مكاسب لا تقدر بثمن.. أتمنى أن يتولى حكم مصر رجل وطني يحقق العدالة ويحارب الفساد ويبني دولة مدنية ديمقراطية * وماذا لديك من أمنيات اضافية؟ - أن يتولى حكم مصر رجل وطني حتى النخاع يضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار ويحقق العدالة الاجتماعية للشعب المصري ويحارب الفساد بكل أشكاله ويبني دولة مدنية على دعائم ديمقراطية خالصة .. كما اريد مصر الرائدة في كل المجالات اريد مصر التي يولد من رحمها الطبيب والمهندس المصري الذي يبهر العالم كما اطالب بتعديل بعض البنود في اتفاقية كامب ديفيد. * كيف ترى التعديل الدستوري والاستفتاء الذي تم عليه يوم 19 مارس ؟ - الحقيقة أنني – مثل كثيرين - متحفظ على التعديلات الدستورية لان التعديل الدستوري لا يتناسب مع التغيير الذي تحقق في الحياة السياسية المصرية وكنت أتمنى أن تتم صياغة دستور كامل جديد، وهي مهمة لا تشكل معضلة.. * و رأيك في المطالب الفئوية التي تعرض عجلة الانتاج للتعطيل مما يؤثر على الاقتصاد ؟ التعديل الدستوري لا يتناسب مع التغيير في الحياة السياسية وأتمنى أن تتم صياغة دستور كامل جديد - من زاوية هي مطالب مشروعة وعادلة جاءت بعد ظلم واضح، لكنني لست مع التعبير عنها بإضرار مقابل في عجلة الانتاج .. لقد أصبح كل شيء ممكنا بالحوار المكفول للجميع .. * سمعناك تطالب أيضا بتغيير شامل في المحافظين ورؤساء المجالس المحلية ، هل ترى أن هذا الوقت والظرف مناسبان للتغيير؟ - نعم.. نريد دماءً جديدة قادرة على العطاء، وباختصار. * هل ترى ما يراه كثيرون من أن " الاخوان المسلمين" هم الذين يحركون الأحداث في مصر؟ - الى حد، ربما لأنه فصيل سياسي أكثر تنظيما، وربما لأن الآخرين ضعفاء بشكل بين. هيكل هاجمني شخصياً وألف كتاباً كله كذب وافتراء لمهاجمة السادات وعائلته * وماذا عن الفتنة الطائفية في مصر؟ - ليست هناك فتنة، والأحداث والاشتباكات بين المسلمين والأقباط ليست الا جزءا من خطط وأجندات معدة دائما ما يلجأ اليها فاشلون عجزوا عن التأثير فيحاولون ارباك الحياة ونشر الفوضى، هذا ما تراه عادة في أي بلد يشهد خلافا طائفيا أو دينيا، والمشكلة أن الجميع يدركون بعد ذلك أنهم كانوا أداة للاستغلال فيعودون الى وئامهم السابق. * وكيف ترى حرائق " أمن الدولة " ؟ - حيلة تقليدية معروفة لاخفاء المصائب.. كبار متورطون، أو صغار أدمنوا الفساد.. شخصيا حصلت على وثائق تخصني، توجيهات مشددة للعمل على اساءة سمعتي للقضاء على شعبية لي بدأت تزعجهم، وخطط متعددة للاختيار بينها الى أن انتهى الأمر بدخولي السجن الحربي سجينا لمدة عام استطاعوا خلاله أن يفعلوا ما شاؤوا. من بين الخطط حين كنت أحقق في مقتل السادات، أن جاؤوا بابن عمي جمال نجل الرئيس السادات وأجبروه على التوقيع على بيان تتبرأ فيه أسرة السادات من صلتي بهم.. تصور! وقد نشروا هذا البيان بكل وسائل الاعلام المرئية والمقروءة.. * قلت ان هناك من يتربص بأسرة الرئيس السادات، من تقصد؟ - أولهم محمد حسنين هيكل الذي يهاجم عائلة السادات بشكل لا يتحمله احد، فقد لمز عائلة السادات في النسب واللون في كتاب ألفه خصيصا لهذا الغرض، وقد ذكر فيه أشياء تخصني شخصيا لا اعرف عنها شيئا ولا تمت لي بصلة.. معظم ما جاء في الكتاب عن عائلة السادات افتراء وكذب ولا ادري لماذ هذا الهجوم .. وقد رفعت ضده يومها قضية وضعت في الأدراج. * كيف رأيت تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله على الوقوف الى جانب الشعب المصري في محنته الحالية ؟ - هذا سؤال غير مطروح ، فالجميع في المنطقة العربية وخارجها، يعرفون أن الملك عبد الله هو رجل المواقف الشهمة والنبيلة، وليس هناك فرد واحد يختلف على هذه الحقيقة. وبغض النظر عن هذا وعن حقيقة أن مصر والمملكة تربطهما علاقات تاريخية رائعة تشغل التاريخ كله فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله نموذج فريد لم يتكرر تمنيت لو احتذته أو قاربته كل رموزنا العربية، واذا أردت أن اقدم لك أمثلة لمصداقية هذا الكلام لأعجزنا الاختيار، بدءا من مواقفه العظيمة التي تدل على وطنية هذا الرجل واخلاصه لقضايا أمته العربية والاسلامية كمواقفه ضد الارهاب ومبادراته العالمية لحوار الاديان والحث على نشر لغة التسامح بين شعوب العالم.. جامعة الملك عبد الله مثلا ليست انجازا سعوديا بل هي انجاز انساني عالمي تم بيده حفظه الله. بعدالة بسيطة تأمل ما يصنعه الملك عبد الله بن عبد العزيز لشعبه.. ألا تراه يسابق أحلامهم فيسبقها ليحقق لهم على كافة الأصعدة ما لم يكن قد جاء الوقت ليحلموا به، وبكرم واغداق شديدين. بالنسبة لمصر, فقد كان لكل ملوك المملكة دائما مواقفهم العظيمة تجاه مصر وغيرها ، الملك عبد الله بحق هو خير خلف لخير سلف، ولكنه تجاوز هذا الأفق بفكره المحرر وهواجسه التي لايشغلها الا مواطنوه وقد حار : " كيف يحبهم ويرعاهم أكثر" هو ملك الانسانية رغما عنا، وبرغم طلبه ألا يناديه أحد بهذا اللقب.