منذ شهور والأزمات مفتوحة في وطننا العربي فالحراك الشعبي المتمثل في مطالب عادلة مثل الديمقراطية والحريات والعدالة يكاد يتحول هذا الحراك إلى مأزق حقيقي تختفي خلفه آلة جهنمية من القتل وسفك الدماء وإزهاق الأرواح. تحركات الشعوب العربية المنتفضة على حكامها لن تهدأ ولن تقف عند حد فكلما زادت آلة القمع ازدادت الشعوب تمسكا بعدالة قضيتها واستطاعت أن تكسب مناصرين جددا لقضاياها العادلة ومن حق شعب سوريا واليمن والدول الأخرى أن تتنسم هواء الحرية وأن تزهو بجرأتها فلم يعد الأمر كما كان في تسعينيات القرن الماضي. فالقرن الجديد دشّن حقبته الأولى بسقوط ديكتاتور مثل صدام وكان من المؤمل أن يسترشد الديكتاتوريون بالرياح المقبلة لكن المؤسف أنهم لم يبادروا إلى إصلاح سياساتهم ويعدلوا من أوضاعهم ويفتحوا المجال لشعوبهم لتشارك في صنع القرارات، بل كابروا واعتقدوا أنهم ممسكون بزمام الأمور وهو خطأ استراتيجي حين يعمى بصر الحاكم والسياسي ولا يبصر القادم والتبدلات ولا يتواءم مع المتغيرات لعل من خطأ نظام بشار الأسد تحصنه في موقعه السياسي حين اعتقد انه محور إقليمي مهم لن يجرؤ أحد على المناورة معه. نعم الشعب هو اللاعب رقم واحد في الوطن وحين يتوهم الحاكم أن الحصانة الإقليمية والدولية والأوراق السياسية الكثيرة التي بيده سوف تحميه فتلك قراءة سياسية خاطئة تنقصها الحصافة وتكاد تكون بلادة سياسية. في اليمن الرئيس علي عبدالله صالح وقف أمام مطالب قطاع كبير من شعبه وتلاعب بأوراق كثيرة لكن لم يفكر لحظة في أن يعدل من اتجاه الرياح بالاستجابة لمطالب أكثرها عادلة وحتى حين قدمت له المبادرة الخليجية لحل الأزمة ماطل كثيرا حتى وصل إلى المأزق الحالي مع أن المبادرة الخليجية أفضل حل متوازن لضمان أمن واستقرار اليمن ومازالت الفرصة مواتية ليستغلها الرئيس اليمني للخروج من الأزمة. من يعتقد أن الشعوب تهدأ في مطالبها بحريتها فهو واهم وقد يكون القمع والقتل حلا مؤقتا لإطفاء جذوة الثورة لكن الثورات سوف تستمر والظرف السياسي التاريخي والدولي الحالي يساعد على بقاء تأجج الثورات الشعبية. كل الآمال من قبل هؤلاء على الحل الأمني ستكون فاشلة ولن تلغي طموحات الشعوب في أن تعيش في حرية وعدل وكرامة.