هذه الشهادة التي سأعرضها ليست من خطاب قسم السريّات ولا الحوارات الخاصة ولا النقاشات الشخصية، إنما شهادة لشخصية مسئولة في الديوان الملكي هو فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي، عرضها في الإذاعة بصفته التي عايشت التجربة كمستشار، القصة جاءت في سياق إحدى حلقات برنامج «فتاوى» على ال«يو اف أم» والتي تعرّض فيها الشيخ العبيكان لقضايا عديدة تهمّ الشأن العام منها تعطيل برنامج استقلال وتطوير القضاء خاصة ما سماه معالجة السلطات القانونية بحيث لا تكون الجهات الأمنية هي الخصم والحكم وأمور عديدة كانت محل اهتمام من شريحة من الرأي العام رأت في طرح الشيخ تطوّراً جديداً في فكره، خاصة انه كان يربط ذلك بما يراه من دفع إصلاحي عام في توجّهات خادم الحرمين الشريفين وأهميته القصوى للمجتمع. وفي حلقة مميّزة سُئل فيها الشيخ ولها علاقة بالمواصلات والطرق تحدّث فيها العبيكان عن وضع طرق المملكة في المناطق الثانوية في التنمية وخصّ بالتفصيل وضعية شبكة الطرق من وإلى مناطق عسير وجيرانها ونسبة الحوادث المروّعة فيها، وتساءل عن سرّ تأخير هذه المشاريع الضرورية والتي تفتقدها المناطق الجنوبية، ثم بدأ بسرد شهادة مهمة له بعد أن أكّد أنّ كثيراً من الأمور تُعطّل خلافاً لرغبة المليك من مسئولين ووزارات مختلفة ومع ذلك لا يَرد ردٌّ أو شرحٌ من الجهة المسئولة عن ذلك التعطيل المستمر، أما الشهادة فهي ما ذكره من لقاء بين المليك وشخصيات في الدولة ومستشارين في الديوان الملكي، عرض فيها الشيخ العبيكان أمام خادم الحرمين الشريفين وضعية طرق الجنوب واقترح أن يُنفذ طريق سريع كامل الخدمات والحماية من مواقع متاحة مساحياً للتنفيذ بين الحجاز وبين عسير، وأن الملك استدعى بعد نهاية الحديث الوزير المسئول ووجّه له أمراً تنفيذياً فورياً ببدء إجراءات المشروع، وأجاب المسئول بالرد بإدراك طلب المليك ورغبته. يقول الشيخ العبيكان: وبعد فترة من المتابعة اتضح لي انه لم يُنفّذ الأمر ولم يُبدأ في المشروع فخاطبت الوزير وأمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز الذي أبدى ترحيبه وشكره للشيخ العبيكان، وتابع الأمر من طريقه ولكنه لم يصل إلى محل توقف الأمر وعدم تنفيذه وأين تعطل القرار، استمر بعدها الشيخ العبيكان وانتهى إلى أن الأمر لم يعتمد في البرنامج التنفيذي، وأطلق أسئلته في البرنامج لماذا عُطّل هذا الأمر وغيره وأين توّقف ولماذا لا يُجاب عن هذه التساؤلات المهمة، وشدّد على ضرورة أن يُعالج هذا الاستنزاف من إعاقة أو تضييع لبرنامج الإصلاح التنفيذي، وان على الوزير التنفيذي أن يُخبر الناس والإعلام لماذا لم تُحقق الرغبة الملكية في هذا المشروع أو ذاك.. فالمطلوب بحسب الشيخ العبيكان الشفافية لكي نعرف أين تعطلت قرارات الإصلاح. هذه الشهادات الجديدة تؤكد من جديد أهمية التواصل المباشر مع القائد ومساعدة قطاعات الشعب المختلفة في ذلك، وهي أيضاً تعطي عنواناً عريضاً لأزمة وطنية هي الأبرز الآن، حيث إنّ تعطيل هذه القرارات الإصلاحية في كل الجوانب والتي كان منتظراً أن تتواصل وتُطوّر مواطنة الإنسان السعودي كشريك بناء للدولة في مجتمع حيوي، تعرّضت للإعاقة وانكفأت آثارها على حياة الفرد والمجتمع، وبالتالي تساهم في تصدّع بنائه وضعف علاقاته الوطنية. وفي برنامج إذاعي آخر على ال«يو اف ام» أيضاً في رمضان عرض د. مفلح القحطاني رئيس جمعية حقوق الإنسان عما تعانيه الجمعية من عدم تجاوب الجهات المسئولة عن التجاوزات الحقوقية خاصة قضية التعطيل المستمر لنظام الإجراءات الجزائية وتتابعت على البرنامج اتصالات مختلفة، كلها تؤكد تعقد الحالة الحقوقية وتزايد إشكالاتها. والحقيقة.. كلنا نُدرك ذلك الخطاب الشفوي الذي نُقل للمليك والتعاميم العديدة التي صدرت منه شخصياً، رعاه الله، تؤكد رصده ومن خلال تعبيره الشخصي حين يقول إن لديه علماً عن تقصير المسئولين وعدم تنفيذهم بعض القرارات، وهذه الشهادات الجديدة تؤكد من جديد أهمية التواصل المباشر مع القائد ومساعدة قطاعات الشعب المختلفة في ذلك، وهي أيضاً تعطي عنواناً عريضاً لأزمة وطنية هي الأبرز الآن، حيث إنّ تعطيل هذه القرارات الإصلاحية في كل الجوانب والتي كان منتظراً أن تتواصل وتُطوّر مواطنة الإنسان السعودي كشريك بناء للدولة في مجتمع حيوي، تعرّضت للإعاقة وانكفأت آثارها على حياة الفرد والمجتمع وبالتالي تساهم في تصدّع بنائه وضعف علاقاته الوطنية. وهي قضية مفصلية تحتاج، وكما دعونا سابقاً، إلى مؤتمر وطني برعاية المليك وعبر مؤسسة الملك عبدالعزيز للحوار، تُدعى له الشخصيات الوطنية المستقلة ويرفع سقف الحوار ويُعطى زخمه الوطني المطلوب ليكون رافعة دعم للإصلاح الوطني، وهذه الأزمة تؤكد من جديد ضرورة فسح الحِراك والخطاب الإعلامي للمجتمع حتى يتواصل مع المؤسسات ومع ذاته في بيته الإعلامي الداخلي، فيُشير إلى جوانب القصور لتصحيحها ومعالجة الخلل لا الانشغال بتعقّب الناقد الوطني. شهادة الشيخ التي أكد مضمونها في حلقات أخرى مهمة وهو من موقعه كمستشار في الديوان الملكي يرتبط بالمليك مباشرة، بعث رسالته بكل وضوح في الإعلام ومسئولية إعلامنا أن يتعامل مع هذا السقف والمنهج لتحقيق رسالة الإعلام الوطني التي تُشير إلى المجتمع والدولة.. هنا كان الخلل.. ومن هنا الطريق.