التفت الرسول محمدٌ «صلى الله عليه وسلم» إلى مكة عندما خرج منها مُكرها ليخاطبها خطاب الحب، والوطنية «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله؛ ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت». الوطن عظيم لا تتجلّى عظمته إلا في قلوب العظماء.. حاضر دوماً في نفوس المحبين. ماثل أبداً بين أعين المخلصين. له قدره الذي لا يماثله قدر.. ومكانته التي لا توازيها مكانة. الوطن بيت جامع.. وحضن دافئ.. وركن شامخ.. وحصن من ملمات الدهر منيع. وسور عن نوازع الأيام واقٍ رفيع. لا يعرف قدر منزلته إلا من فقد حنانه، واغترب عن ترابه، وبعدت به الشّقّة، ونأت به الأسفار. ولا يدرك سمو مكانته إلا من سكن الملاجئ، وتوسّد التشريد، وتوسل اللقمة.. وسأل الشربة الباردة من الماء. الوطن.. كلمة أكبر من التعبير.. وأشمل من الحصر.. وأعظم من التصوّرات. وأوسع من الخيالات.. كتبوا عنه فما وفّوه تعبيراً. ووصفوه بالحسن ففاق وصفهم بهاءً وحُسناً. إنه مزيج من المكوّنات.. إن الوطن لغالٍ نفيس.. ألا وإنه ليستحق منا التفاتة تذكّرٍ على مدار الساعة وليس يوماً يتيماً في السنة. هذا وإن حبه، وتذكره لا يتأتى إلا بإقامة دين الله على أرضه.. والدفاع عن حياضه في كل حين. والتمسك بثوابته، ومسلماته. والتعبد إلى الله بطاعة ولاة أمره، والقائمين على شأنه بالمعروف. واحترام الراسخين من أهل علمه. وتقدير رموزه، وإقالة عثراتهم.. ورحمة ضعفائه.. والعطف على فقرائه.. والاهتمام بأمور شبابه، وبناته. وحفظ أمواله العامة، ومدخراته. ومجموعة من العناصر التي تقوم عليها الحياة، وبها تحيا.. قالوا عنه: هو النسيم الذي نستنشقه صباحاً. والعبير الذي نتضوّعه مساءً. وعرّفوه بأنه الهرم الأسنى.. والمدار الأكبر الذي يجتمع عليه كل من على ثراه؛ غير أن الوصف الذي به يليق.. والمصطلح الذي يزهو بنطقه محبوه هو أنه: الأمن بأوجهه المتعددة.. أمن الدين، والنفس، والولد، والعرض، والمال.. وأمان الأفئدة التي لا تخاف إلا الله والذئب على ماشيتها. تنام على ثراه بسكينة، وتصحو بسكينة.. تقيم بسكينة، وتسافر بسكينة .. تجوب الديار ليلاً لا تخاف قاطع طريق.. وتقطعها نهاراً لا ترجو إلا الله . هذا هو الوطن الذي نستفيء بظل يومه السنوي. والذي يذكّرنا بأمجاد المؤسس لهذا الكيان العظيم الموحّد بأمر الله، شمل ما تفرّق من الأمصار، والديار. وجامع قلوب أهلها تحت راية التوحيد، والوحدة.. الملك عبدالعزيز، جعل الله الجنة مثواه. والفردوس مأوى رجال جيشه الأفذاذ. عظيم أن نتذكّر بطولة أولئك الرجال الأشاوس الذين لولا الله ثم تضحياتهم لبقينا شذر مذر، يستضعفنا كل قوي.. ينحر بعضنا بعضاً، ويسفك بعضنا دم بعض، كما كانت الأحوال في تلك الأيام الخوالي.. فلله الحمد أولاً، وآخراً ثم لأولئك الأبطال الفضل، وخالص الدعوات الصادقات. ألا وإن الوطن لغالٍ نفيس.. ألا وإنه ليستحق منا التفاتة تذكّرٍ على مدار الساعة وليس يوماً في السنة يتيماً. هذا وإن حبه، وتذكّره لا يتأتى إلا بإقامة دين الله على أرضه. والدفاع عن حياضه في كل حين.. والتمسك بثوابته، ومسلماته. والتعبّد إلى الله بطاعة ولاة أمره، والقائمين على شأنه بالمعروف. واحترام الراسخين من أهل علمه. وتقدير رموزه، وإقالة عثراتهم. ورحمة ضعفائه. والعطف على فقرائه. والاهتمام بأمور شبابه، وبناته. وحفظ أمواله العامة، ومدخراته.. وأداء كل مؤتمن من قبل ولي الأمر أمانته على الوجه الصحيح، والمطلوب. وحفظه بحفظ قوانينه، وتنظيماته، وتعليماته وتطبيقها على الوجه الأكمل، والأفضل. والحرص الدائم الذي لا ينفك من قِبل جميع أطيافه على كل ما من شأنه بقاء وحدته الوطنية متماسكة قوية وذلك بنبذ كافة العصبيات التي تؤجج المشاعر، وتقتل روح الوحدة بين العامة.. بهذا، وأكثر تكمن الوطنية الحقّة. وينبع الصدق في حب الوطن.. ويظل حباً حقيقياً بعيداً عن الشعارات، والتمنيات.. دُمتم .. وكل عام وأوطاننا بخير. [email protected]