أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمة ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أن من استقرأ تاريخنا الإسلامي واستنطق فصوله ومشاهده واطلع على أسباب قبول الإسلام والتصالح معه عبر التاريخ يعلم الحقيقة ويدرك مكامن وأسرار هذا الدين القويم الذي نهى شرعنا الحنيف عن الغلو والتطرف فيه والتقوّل على شرع الله بالكذب، أو التأويل أو التكلف.. فمصرع الجميع في هذا واحد وإن اختلف المخرج والمقصد. وقال المليك مساء الثلاثاء في افتتاح فعاليات «مؤتمر ظاهرة التكفير، الأسباب، الآثار، العلاج» بالمدينةالمنورة: إن هذا الانتشار لدين الإسلام بعالميته ونبل مقاصده لم ولن يكون بمفاهيم التطرف والغلو وأدوات التخريب والتدمير والاعتداء على النفوس البريئة، ولا يشك مسلم أدرك حقيقة الإسلام أن الاعتداء على النفوس البريئة بالتأويلات الفاسدة يتحقق في قول رسولنا «صلى الله عليه وسلم» حين قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». الامير نايف يدشّن فعاليات مؤتمر التكفير بالمدينةالمنورة (اليوم) لا وطن للتطرّف وأردف: «إن ما نطرحه في هذا الشأن هو بيان وتبرئة لفكرنا الإسلامي الأصيل واعتدال منهجه وسمو مقصده ويكفي أن من لا يدين بدين الإسلام بوسطيته واعتداله قد اكتوى بأدوات التطرّف لديه وهي المحسوبة على فكره ومنهجه.. فالتطرف لا وطن له ولا دين ونحن نؤكد من وحي شرعنا العظيم أن دين الله الوسطية بين الغالي فيه والجافي عنه وهو معنى قول الحق سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، وقال: لقد حذرت شريعة الله من التساهل في الحكم على الآخرين في أمور يسيرة لا تبلغ حد التفسيق فضلاً عن التكفير حتى ثبت عنه «صلى الله عليه وسلم» قوله: «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» وهذا الحكم الشرعي في منتهى الخطورة وحري بالمراجعة والعظة وإذا كان سُباب المسلم فسوقاً فكيف بتكفيره.. والمتأمل في الشروط والضوابط التي أوضحها علماؤنا في مسائل التكفير يقف أمام حواجز وموانع بالأدلة الشرعية تمنع من الانزلاق في هذا المنحدر الخطير. «لن نصادر أحداً في حرية فكره ما دام في إطاره المعتدل وعليه فلن نرضى بالمساس بقيمنا الراسخة ومحاولة تغيير وجداننا الوطني المتآلف على فطرته السوية ونهجه الوسطي المعتدل من قبل أي إنسان، فهذا هو دستورنا وهذه عقيدتنا». معاناة من الإرهاب وقال: «لقد عانينا كما عانى غيرنا من مجازفات التطرّف وضلال الفكر، وليت الأمر توقف عند هذا الحد فلن يضرونا فيه إلا أذى كما قال سبحانه وتعالى: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى) لكن تطور الأمر إلى أعمال تخريبية إفساداً في الأرض وإهلاكاً للحرث والنسل ومكراً بالليل والنهار في مد من الضلال لا بد لنا من مواصلة التصدّي له ومناجزته بكل قوة وحزم ولن نفرح في هذا بشيء كما نفرح بهداية من ضل إلى سواء السبيل وهو منهجنا مع كل موقوف على ذمة هذه القضايا ومن جانب الصراط السوي وكابر الحق وردّه فمرده إلى الشرع المطهر الذي نعتز بتحكيمه والاهتداء بهديه». وأضاف المليك: «لقد غرر ببعض أبنائنا فئات نعلم ما وراءها من إرادة السوء بهذه البلاد فضلاً عن فئة أخرى تتلقف ما يرد على فكرها من نظريات التطرف والضلال وحسبنا أن مجتمعنا الاسلامي ينبذ بفطرته السليمة الأفكار الضالة والأساليب المتطرفة ولن نقبل بأي فكر ينال من ثوابتنا التي انعقد عليها وجدان كل مواطن فينا ولن نصادر أحداً في حرية فكره ما دام في إطاره المعتدل وعليه فلن نرضى المساس بقيمنا الراسخة ومحاولة تغيير وجداننا الوطني المتآلف على فطرته السوية ونهجه الوسطي المعتدل من قبل أي إنسان فهذا هو دستورنا وهذه عقيدتنا وسنكون مع غيرنا أرحب من غيرنا بنا والأيام دلائل وشواهد على أقوالنا وأفعالنا وسنكون في مجتمعنا الدولي أداة سلم وسلام وبر وصلة ووئام ندعو لخير البشرية ونعادي مد الشر ونقاومه ونبرأ إلى الله من أي قول أو فعل يُحسب على مفاهيمنا ونحن منه براء وسجلنا مفتوح لكل طالب حق منصف متجرد. ولقد عانينا مثل غيرنا من أضرار ومفاسد الفكر الضال ولن يهدأ لنا بال حتى يستقيم على الطريقة أو نستأصله من أرضنا الطاهرة فلا مكان بيننا لهذا العنصر الدخيل، أما قضايانا الاجتماعية الأخرى فهي في دائرة الحوار والنقاش بين أبناء الوطن الواحد وغالب الأطروحات في هذا لا تخرج عن أن تكون قضايا اجتماعية يقررها المجتمع السعودي ولها الصدارة في النفس.. وسيكون كل متسبب في فتح أبواب التيه المهلك على محك السؤال والحساب دنيا وديناً، والله حسيب وطليب كل ضال مُضل وفاسد مفسد. ملاحقة الضلال وسنواصل بعون الله ملاحقة فئة الضلال والفساد والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ونسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر ويدلنا على خير أمرنا ويلهمنا رشدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.. كما أسأل الله تعالى أن يسددكم ويبصركم في أعمال هذا المؤتمر ويجعل التوفيق والصواب حليفكم والاحتساب مقصدكم ولا يحرمكم الأجر والثواب. وكان سمو النائب الثاني نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله - افتتح مساء امس الاول بقصر سمو أمير منطقة المدينةالمنورة بسلطانة بالمدينةالمنورة فعاليات «مؤتمر ظاهرة التكفير، الأسباب، الآثار، العلاج» الذي تنظمه جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحضور عدد من الشخصيات العالمية. وكان في استقبال سمو النائب الثاني لدى وصوله إلى مقر الحفل يرافقه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز مستشار سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ومساعد وزير الداخلية للشؤون العامة، صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينةالمنورة، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالعزيز بن ماجد، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن ماجد، وعدد من العلماء ورؤساء الجامعات والشخصيات العلمية بالمملكة. الأمير سعود بن نايف: فتنة التكفير مزقت جسد الأمة من جانبه قال صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز مستشار سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ومساعد وزير الداخلية للشئون العامة: "جميعنا يعلم خطورة ظاهرة التكفير على الفرد والأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً كما أن من المتفق عليه بين أهل العلم أن فتنة التكفير هي أول الفتن ظهوراً بالإسلام وهي منبع الكثير من الانحرافات العقائدية والسلوكية والخلقية والنفسية التي مزقت جسد الأمة الإسلامية". وبين سموه انه في عصرنا الحاضر استفحلت هذه الفتنة الخطيرة وانتشرت وتسللت إلى مجتمعاتنا الإسلامية والعربية مما أوجب علينا أن تكون لنا تجاهها وقفة علمية وعملية واعية تسبر غور أسبابها وتقدم الحلول المناسبة للتعامل معها ودرء مخاطرها وتكوين حصانة فردية واجتماعية ضدها. الأمير سعود بن نايف ولفت سموه النظر إلى أنه إدراكا من جائزة نايف بن عبدالعزيز ال سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة لخطورة ظاهرة التكفير فقد سبق وأن طرحت الجائزة عدداً من الموضوعات المتعلقة بتبيان هذه الظاهرة وفاز عدد من العلماء والباحثين بالجائزة في هذا المجال ونشرت الأبحاث ووزعت على عدد من الجامعات والمؤسسات العلمية والأفراد داخل المملكة وخارجها ومن تلك الموضوعات التكفير في ضوء السنة النبوية, الوسطية في الإسلام ودلالتها من السنة النبوية, حرية الرأي في الإسلام, الأمن الفكري في ضوء السنة النبوية, أحاديث الفتن وأشراط الساعة بين الفهم الصحيح والتأويلات, فقه الواقع المعاصر في ضوء السنة النبوية. وقال سموه: وإيمانا من الجائزة بخطورة فتنة التكفير وتحقيقاً لرسالة الجائزة وأهدافها تبنت الجائزة عقد مؤتمر ظاهرة التكفير وصدرت موافقة المقام السامي الكريم على إقامة هذا المؤتمر العلمي العالمي بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والذي يناقش ظاهرة التكفير من جميع جوانبها لإيجاد الحلول العلمية والعملية التي يمكن أن تسهم في الحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها بعون الله وتوفيقه. وأكد سمو مساعد وزير الداخلية في كلمته أن هذا المؤتمر يأتي استمراراً وتأكيداً للدور الريادي الذي تتسنمه جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في خدمة العالم الإسلامي الحنيف في إطار جهود قيادة هذه البلاد المباركة تجاه خدمة الإسلام والمسلمين. الحارثي : التوسط والرفق من أبرز سمات الإسلام والقى مستشار سمو النائب الثاني أمين عام جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة رئيس الهيئة الإشرافية العليا للمؤتمر العالمي لظاهرة التكفير الدكتور ساعد العرابي الحارثي كلمة رحب فيها بأصحاب السمو والسماحة وأصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة.وقال "السمو والكمال والشمول والتوسط والتيسير والرفق والرحمة ورفع الحرج والنهي عن الغلو والتحذير من التطرف .. هذه كلها من أبرز سمات ديننا الإسلامي الحنيف وبهذه السمات والمحاسن الإسلامية ضمن الإسلام للناس العيش في أمن وأمان ورخاء وطمأنينة واخاء واستقرار". وأردف قائلا : "إنه وفي وقتنا المعاصر شذ بكل أسف جمع من الناس عن سلوك المنهج الوسط والدين الحق واضطربت صلتهم به وتورطوا بشططهم في فهم الدين عقيدة وشريعة وسلوكا وأخلاقا فزرعوا بذلك بذرة الغلو التي أنبتت شجرة خبيثة أثمرت فتنا متعددة وأفكارا منحرفة". وحذر من الفتن وأخطارها على الأمة فتنة التكفير التي أيقظت فتنة الخوارج الضالة المندثرة وأعادت بعد اندثار مأساتهم انطلاقا من خطورة هذه الفتنة وإيمانا بأهمية دراستها دراسة علمية تعالجها من جذورها صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على أن تقيم جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مؤتمرا عالميا يشارك فيه ثلة من العلماء والباحثين بدراسة ظاهرة التكفير وقوفا على أسبابها وتفنيدا لشبهاتها وبيانا بآثارها ووصولا إلى سبل علاجها واجتثاثها. المشاركون : مجابهة التكفير بالتأصيل الشرعي وألقى كلمة المشاركين في المؤتمر وزير التعاون الدولي بجمهورية غينيا الدكتور قطب مصطفى ساني الذي رفع خلالها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - الشكر والتقدير لكل ما يقوم به من رعاية جليلة للشعوب الإسلامية وعناية كريمة بالشأن الإسلامي، وقال الدكتور ساني : إن رعايته حفظه الله هذا المؤتمر العلمي في هذه المرحلة الراهنة من تاريخ الأمة أكبر دليل وبرهان على حرصه الشديد على سمعة الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء المعمورة ". كما وجه شكره لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رعاه الله بمواقفه الخالدة تجاه مختلف قضايا الأمة الإسلامية. كما وجه شكره لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز لما يقوم به من عمل دؤوب ومخلص على جمع كلمة المسلمين ووحدة صفهم ولم شملهم لكل ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين. وأوضح الوزير ساني أن هذا المؤتمر سيظل حدثاً هاماً جللاً محفوظاً في خلد التاريخ في حسبانه أهم تظاهرة معاصرة أتاحت الفرصة لتلاقي هذا الجمع الغفير من علماء الأمة ومفكريها على ربوع طيبة الطيبة بُغية التباحث والتدارس والتفاكر حول معالجة علمية منهجية دقيقة لفتنة فكرية اجتماعية وأمنية عمت بها البلوى وعانت ولاتزال تعاني آثارها المدمرة العديد من البلاد وجماهير من العباد نتيحة توظيفها مقدمة مقلوبة مغلوطة لتبرير تلك الاعتداءات الغاشمة المجرمة على الدماء المعصومة والأعراض المصونة والأموال المحفوظة باسم الإسلام زوراً وبهتاناً. وبين أن المجابهة الفكرية المنشودة لهذه الفتنة النكراء ينبغي أن تتضمن تأصيلاً شرعيا دقيقاً لجملة صالحة من تلك المفاهيم التاريخية المنسوجة حول العديد من المصطلحات ذات العلاقة بالتكفير كمصطلح الولاء والبراء ومصطلح الجاهلية ومصطلح الردة.