الجميع يعرف أن الكثافة الجماهيرية من أهم أسباب نجاح أي مسابقة كروية في العالم، ولكي نقتنع بتلك القاعدة علينا متابعة مسابقات الدوري في العديد من الدول الأوربية ودول أمريكا الجنوبية التي تحظى بحضور جماهيري جنوني . لدرجة أنه عندما تتاح لنا فرصة مشاهدة إحدى المباريات في الدوري الإنجليزي مثلا أو الأسباني أو الألماني أو الأرجنتيني أو البرازيلي عبر الشاشة الفضية لإحدى القنوات الفضائية يستحيل للمتابع أن يستبدل القناة بل يجبره الحضور الجماهيري على إكمال تلك المباراة حتى لو كانت معروضة وليست منقولة. وما حدث لدينا في مباريات الجولة الأولى من منافسات دوري زين للمحترفين يدعو للغرابة والحزن والأسى من حيث تواضع الحضور الجماهيري، فمن شاهد المدرجات في اليوم الأول ( يوم الجمعة ) الماضي في الأحساءوجدة والخبر يخيل إليه أنه يتابع مباريات شبيه بمباريات الدورات الرمضانية التي تقام على ملاعب الحواري بل أن بعض تلك المباريات تحظى بمتابعة جماهيرية أقوى وهذه هي الحقيقة التي يجب أن نقر ونعترف بها . وعندما نبحث عن الأسباب الجوهرية لغياب الجماهير بهذا الشكل المحزن نرى أنها متعددة وقد أشبعتها مختلف وسائل الإعلام طرحا وتحليلا ،وللتذكير فقط ،سوف أستعرض معكم جزءًا من الحلول المناسبة لعلاج أمر الغياب الجماهيري عن المدرجات وأولها التوقيت القاتل والسيئ لإقامة المباريات والذي لا يخدم الشريحة العريضة من الجماهير المهتمة بحضور المباريات وأعني بهم الطلاب والموظفين . فليس من المعقول أن تحضر هذه الشريحة من المجتمع السعودي المباريات ويعود المشجع أو المتابع إلى منزله بعد منتصف الليل . وإذا ما تغلبنا على تلك المشكلة وأعني بها مشكلة التوقيت المناسب لبدء المباريات وضعنا أيدينا على نصف الحل . ويتبقى النصف الآخر ويمتثل في قرب المسافة بين الملاعب وتمركز السكان فلعب بعض المباريات غير الجماهيرية أو الجماهيرية من طرف واحد على ملاعب الأندية ذات المقرات النموذجية بات أمرا حتميا وتبقى الملاعب الواسعة والكبيرة للمباريات التقليدية وشبه التقليدية . ولم يتبق أمامنا سوى عملية توفير الحوافز المعنوية للجماهير الرياضية عملية مهمة جدا من حيث توفر المقاصف ودورات المياه وأماكن أداء الصلاة وسلاسة الدخول وسهولة المغادرة وتوفر مواقف المركبات وسهولة الحصول على تذاكر الدخول من خلال تسويقها بشكل سهل و تعدد منافذ البيع في شبابيك البيع التابعة للملاعب . وكذلك إعادة النظر في أسعار التذاكر وخاصة في المباريات غير الجماهيرية. إذا كانت الجماهير السعودية مصرّة على الإحجام عن حضور الكثير من مباريات الدوري وإذا كانت الحالة الجماهيرية سوف تستمر على ما هي عليه في الجولة الأولى فإن ترتيب الدوري السعودي عربيا وآسيويا وعالميا سوف يتراجعإن كثافة الحضور الجماهيري لمباريات الدوري من أبرز العوامل التي تساهم في نجاحه وعلى عاتق المسئولين في اتحاد كرة القدم ولجانه الأخرى وخاصة هيئة دوري المحترفين تقع مسئولية كبيرة في إعادة الجماهير للمدرجات، كما كانت عليه في العقود الماضية وخاصة عقدي السبعينيات والثمانينيات عندما كانت المدرجات تكتظ وتغص بالجماهير . أما الفرق المشاركة في دوري زين فمهمتها تنحصر في إعادة النظر في إبرام صفقاتها مع اللاعبين الأجانب والتركيز على ما يعرفون في المجال السينمائي بنجوم الشباك وهذه العملية معني بها أندية المال التي تحظى بدعم أعضاء شرف كالبنوك المتحركة .. قبل الوداع .. إذا كانت الجماهير السعودية مصرّة على الإحجام عن حضور الكثير من مباريات الدوري وإذا كانت الحالة الجماهيرية سوف تستمر على ما هي عليه في الجولة الأولى فإن ترتيب الدوري السعودي عربيا وآسيويا وعالميا سوف يتراجع ،لذلك يجب أخذ عامل الحضور الجماهيري المتدني على محمل الجد خاصة وأن الدوري في بدايته ،وذلك من جانب المسئولين عن الكرة السعودية وفرق الدوري فليس من المعقول أن تقام المباريات والمدرجات خاوية على عروشها . خاطرة الوداع .. لن أقول وداعا ولكن إلى لقاء قريب .. رحلة موفقة يا نور عيوني .. [email protected]