نعيش في بيئات مضطربة وصراعات خارجية عنيفة ترهقنا وتصيبنا بالاكتئاب. ومع التحول الكبير في جميع شؤون حياتنا من تغيرات تكنولوجية وصراعات فكرية وأزمات سياسية تحيط بنا كالسوار بالمعصم, وأمام هذه التحديات الساكنة في كل جزء من أجزاء حياتنا النفسية والفكرية والاجتماعية ومع الاحباطات الشديدة التي يعانيها كل فرد منا نظل نحِن إلى ذلك الملاذ الآمن من اضطرابات الحياة تلك هي “الأسرة” التي تمتص كل ما فينا من خوف وقلق وتعب وتوتر, تنعشنا وتمدنا بالقوة وتحفزنا وتعطينا كل ما نفتقده في عالمنا الخارجي من الألفة والحب والاستقرار والانتماء الروحي والجسدي. نسيج جميل من العلاقات المترابطة. حاجات يتم بعضها بعضا تتدفق بمسارات متوازية وعلاقات تبادلية من والى الأسرة موفرة إحساسا بالقوة والانتماء. فالبيئة تعيش حالة تسارع وتغير والاضطرابات التي تكتنفها تدفع بنا إلى أحضان الأسرة التي غالبا ما ننظر إليها بعيني شاعر أو رسام وكقيمة فنية تعبر عن امتناننا الصامت لقاهرة المشاكل العملاقة. وبما أننا نعيش في مجتمع ما فوق التصنيع هذا يدفعنا إلى تبني مختلف لمفهوم الأسرة وطريقة التعايش معها، والسؤال هنا : ما هي القيم المتوقع للأسرة أن تحملها وتدافع عنها ؟ وهل يفترض بنا أن نضع معايير وعناصر للأسرة من أجل ثباتها ومن أجل تعزيز الثقة فيها أو التعامل معها تلقائيا وحسب الأحداث. فالأسر في الماضي كانت تعمل ضمن إطار من القيم العامة السائدة وهذا الإطار العام انكمش الآن، لأن الضغوط على الأسرة تتخذ اتجاها إلى الخارج نحو مزيد من التنوع، فنحن سنواجه في المستقبل نظما متصادمة من القيم وأنواعا من المعتقدات والمفاهيم التي تصور لنا نوعا من سهولة التعامل والسير عبر طرقات الحياة الصاعدة والهابطة، وسوف نواجه بتشكيلة كبيرة من الاختيارات ما يتيح لنا إتباع أساليب اختيارات جديدة وانتهاج طرق للعيش متنوعة واستحداث نوعية من الأسر حسب مزاج ومعتقد كل أب وأم ...!! [email protected]