مثلما ينقسم المجتمع إلى «عوام» و«خاصة» وهم المختصون، فإن المختصين ينقسمون أيضاً إلى «مختصين» و«عوام المختصين». وهؤلاء الأخيرون (عوام المختصين) يتمعتون بكلاسيكية اختصاصية تقترب من العادية أو قل البلاهة التخصصية أو تقترب منا نحن عوام الناس. وهم، أي «عوام المختصين» بذلك يمثلون خطراً محدقاً بصحة الإنسان إذا كان الموضوع صحياً أو خطراً يهدد الحياة إذا الموضوع هندسيٌّ أو خطرٌ يهدد بانحراف فكري إذا الموضوع فكريٌّ أو دينيٌّ. وتعتمد «إنحناءة» الفكر وحدتها الانحرافية عادة على قدر «لوثة الجهل» وهي «البنج» الذي يحول ميلان المرء من الطبيعة الملائكية إلى الطبيعة الشيطانية. والذي نستطيع أن نلاحظه بوضوح، وبفهم أفضل، هو أخطاء المختصين الدينيين والمفكرين. أما أخطاء الأطباء والمهندسين، فيبدو أنها، لا تدرك كما يليق إلا في جوف الأرض، أما على سطحها فلا يمكننا ملاحظة أخطاء هؤلاء «التقنيين» إلا لماما. كيف نفرق بين المختصين و«عوام المختصين» في الموضوع الديني.؟ أسوأ الخطباء «عوامهم» وأسوأ «عوام الخطباء» الذي يأتي بخطبة طويلة عريضة ليعلمنا محاسن الإسلام و«توحيد الألوهية»، بينما حتى الأطفال المسلمون يعرفون أنه لا يوجد مسلم، (ولا يهودي أيضاً) ليس موحداً ولا يوجد مسلم لا يعرف محاسن الإسلام خذ الدعاة وبعض «طلبة العلم».. ستجد بعضهم واع ومجتهد ومتمكن ويتسلح بعلوم الدين والدنيا كي يصلح في الدين ويقرب الناس إلى الآخرة. وتجده فطناً لبقاً قوي الحجة والبينة، من دون تعبس أو غلظة أو تطرف. وفي الحقيقة فإن الحجة القوية البينة هي المضاد الحيوي لملوثات التطرف والغلو ولما تنتجه من كيل الوعود والوعيد والويلات للآخر وللآخرين. أما الجهل وضحالة التحصيل فتحول «طالب العلم» إلى «مسجل» يردد ما قالوا، حث يحضر الببغاء ويغيب المحاور. وحينما تستمع إلى خطيب جمعة تجد بعضهم يحول الخطبة إلى محاضرة غزيرة بالعلم والمعرفة والبينة، والروح المتجلية الفياضة فيعود الناس إلى منازلهم بدارات فكرية جديدة ومثل وأمثال موحية وجذابة. حتى إن موضوع الخطبة يتحول إلى نقاش في المنازل ومع الضيوف. وتجد نوعاً من خطباء الجمعة ليس أكثر من «مسجل»، تقليد ومستهلك، والخطبة عقيمة مكررة. وأسوا الخطب هي المكررة التي لا تترك أثراً في النفس ولا جاذبية في الفكر، ولا حضوراً لصاحبها في الأذهان. وأسوأ الخطباء «عوامهم» وأسوأ «عوام الخطباء» الذي يأتي بخطبة طويلة عريضة ليعلمنا محاسن الإسلام و«توحيد الألوهية»، بينما حتى الأطفال المسلمون يعرفون أنه لا يوجد مسلم، (ولا يهودي أيضاً) ليس موحداً ولا يوجد مسلم لا يعرف محاسن الإسلام. سؤال: لماذا يأتي «عوام الخطباء» فيخاطبوننا وكأننا قد أسلمنا قبل أيام في مكاتب الجاليات. وتر ستفتحين الآفاق.. وستومض القناديل في الممشى القديم.. لتضاء للخطى الوئيدة دربها المتدحرج من السفح المهيب وسيستحيل رماد الشموس الآفلة كحلاً، إذ سيف البحر مرود الجفون المتعبة..