في حي القصور بالظهران وفي مسجد الرحمانية بالتحديد يؤم المصلين شيخ لم يودّع سن الشباب بعدُ. تذكر الله حقاً عندما تنظر إلى قسمات وجهه. لا أعرفه، لا .. ولم ألتقِ به من قبل، أو بعدُ سوى مرّة يتيمة صافحته بعد صلاة لأقول له (ثبتك الله على طريقه المستقيم كي تبقى سبباً لحياة قلبك، وقلوب تطمئن مستكينة وأنت تتلو كتاب الله بتدبّر، أو حين تسمع رقائق وعظك المؤدب، وتوجيهاتك القيّمة المهذبة). يصلي في مسجد الشيخ خميس الزهراني، وخلفه أطياف مختلفة من المسلمين كلهم يؤدون الصلاة بخضوع، وخشوع وكأن على رؤوسهم الطير وهم يتدبرون مع صوته النديّ آيات الكتاب المنزّل؛ فهذا أعجمي خاشع مخبت يسبل - مع الشيخ القارئ - دمعات حرّى رغم أنه لا يُبين العربية، أو ينطق لها حرفاً.. وذاك شاب يتهم نفسه بالتقصير يجهش بكاءً مع القرآن المعجزة طوال صلاة التراويح. وآخر يكره دخول المسجد فضلاً عن المكوث فيه وقتاً.. يعترف بأن مع الشيخ الأنموذج تَعرّف على مكامن التعاسة التي يعيشها طول حياته السابقة، ووجد في تدبر القرآن مع هذا الشيخ المؤمن السعادة التي لم يتوقع يوماً أن يرى لها أثراً. وتلك فتاة بعيدة بلهوها، ووعثاء ضلالتها استقامت ساعة دمعت على أحوالها خلف هذا الشيخ المبارك. المسجد كله وبمصليه يخبت خاشعاً أثناء التلاوة، ويخضع منيباً خلال الركوع والسجود، ويهتزّ سائلاً، وبين يدي الملك باكياً حين تُرفع الأكف لطلب النوال، وتوسيع الأرزاق، وغفران الذنب، والعتق من النيران. يعترف بأن مع الشيخ الأنموذج تَعرّف على مكامن التعاسة التي يعيشها طوال حياته السابقة، ووجد في تدبر القرآن مع هذا الشيخ المؤمن السعادة التي لم يتوقع يوماً أن يرى لها أثراً. وتلك فتاة بعيدة بلهوها، ووعثاء ضلالتها استقامت ساعة دمعت على أحوالها خلف هذا الشيخ المبارك. المسجد كله وبمصليه يخبت خاشعاً أثناء التلاوة، ويخضع منيباً خلال الركوع والسجود، ويهتزّ سائلاً، وبين يدي الملك باكياً حين تُرفع الأكف لطلب النوال، وتوسيع الأرزاق، وغفران الذنب، والعتق من النيران. إنك عندما ترى الشيخ خميس الزهراني، أو تسمع تلك الدعوة التي طالما هزّ أكف الضراعة إلى الله أن يقبلها (اللهم اجعلنا معروفين في السماء مجهولين في الأرض) تدرك سرّ تأثره، وتأثيره، وتعي حالاً أنك أمام شيخ أنموذج عزّ له نظير في هذا الزمن الذي تغيّرت فيه المفاهيم، وتبدّلت خلاله الأخلاق، والنوايا. ثم إنك ما أن تلتفت باحثاً عن سرّ آخر لقبول الناس لهذا الشيخ، وحبهم له، وتأثرهم البالغ بطرحه الدعوي المتزن سترى حرصه الدائم، وإصراره البيّن على إبراز سماحة هذا الدين، ويُسره، ومدى نفعه للبشرية قاطبة بطرق مقنعة إيمانية، ووجدانية تلامس شغاف القلوب فتؤثر بها أثراً يبقى زاجراً حين تتسلط الشياطين على القلوب لتحرفها عن خطها المستقيم الذي يريده الخالق لها. وبعد: فالدعوة إلى الخير أنموذج واحد لا ثاني له؛ غير أن الدعاة في دعوتهم الناس نماذج شتّى، وأنواع مختلفة كلهم هباء منثور سوى أنموذج واحد فقط وهو: محمد «صلى الله عليه وسلم»، ومن سار في الدعوة مسيرته، وحذا في التوجيه حذوه. فإن رأيت داعياً، أو داعية اهتزّت بحديثهما القلوب، ودمعت العيون فاسبر أحوالهما حتما سترى السرّ في ذلك وهو: خشيتهما لله، ورجاؤهما لعفوه، وإيثار رضاه على رضا غيره، وإخلاصهما في دعوتهما لله وحده بعيداً عن النفاق، والرياء، والسمعة؛ وستلمس من جهدهما الإصرار على التأسي بمحمد «صلى الله عليه وسلم» في إخراج الناس من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة بقلوب محبة، ووجوه باسمة، ودليل قاطع، ودين ميسر يغلب من يشادّه، ويشادده.. أما ما سواهما من الدعاة ممن لا تتأثر القلوب بمقولهم، أو تستسيغ الآذان سماع حديثهم فلا أخالك إلا تعلم أن سر ذلك يكمن في تكوين الإخلاص لديهم، وبعد قلوبهم عن خشية الله لربما .. هذا ودمتم أيها القراء الأعزاء في طاعة مقبولة. [email protected]