في كثير من حراك المجالس وسواليفها نسمع بعض الأشخاص يقولون - في أمريكا كذا وكذا - وفي لندن أو كندا أو إستراليا كذا وكذا.. وكل ذلك يأتي على سبيل المقارنة، وفي نظري هذا الطرح جميل وجيد في أن نتخذ من تجارب الآخرين أمثلة نصحّح ونقوّم بها أخطاءنا، فتقليد النجاح ليس فشلاً.. المشكلة فيمن يأخذ قالب النجاح هذا كما هو ويطبقه بحذافيره دون مراعاة لأي اختلافات كالدين والعرف، فمثلا لو كان هذا النجاح معنياً بمشروع حيوي كالمواصلات: طائرات أو قطارات أو خدمات الإنترنت والبنوك والجهات الحكومية وغيرها مما يسهّل حياة الناس، المشكلة كما ذكرت حين تنقل تجارب بحذافيرها كما هي، فمثلاً حين يقضي أي شخص فترة في مثل هذه الدول أو ما شابهها يبدأ بحديثه بالاستخفاف فيقول: للحين أنتم كذا يا السعوديين؟ مع العلم أنه سعودي وعاش الطفولة التقليدية السعودية بكل ما فيها، ثم يقول الناس وصلوا القمر وانتم للحين بقيادة المرأة؟ خلوها تسوق يا جماعة في أمريكا كذا وكذا.. أو يقول للحين أنتم تتكلمون بالاختلاط دائماً؟ في الأسواق والطائرات والعمل؟ يا أخي في أوروبا كذا وكذا.. هل ما زلتم تناقشون الحجاب وسفر المرأة مع محرم؟ في إستراليا كذا وكذا.. وما أن تأتي أي مقارنة إلا وتشدّق بذلك.. رأيي في هذا الموضوع كما ذكرت تقليد النجاح ليس فشلاً ولكن لكل إنسان مبدأ.. لماذا دائماً نجد أناساً يصرّون على التبعية العمياء دون وجود لشخصية الإنسان المسلم الذي يعتزُّ بدينه وتقاليده التي لا تتعارض مع الشرع. لماذا لا تقول نعم زوجتي وأختي لا تختلط مع رجل أجنبي دون محرم فهذه أوامر ديني التي أعتز بها في أي زمان ومكان.. لماذا تستحي لو كنت في أحد شوارع باريس أو لندن أو لوس أنجلوس مع مختلف السياح وقلت: أين المسجد وأديت الصلاة؟ لماذا لا تقف في أي حديقة وتضع سجادتك وتصلي؟ أليس لك مبدأ وشخصية؟ لماذا ننساق معهم في كل شيء حتى فيما يتعارض مع ديننا؟ لماذا تستحي لو كنت في أحد شوارع باريس أو لندن أو لوس أنجلوس مع مختلف السياح وقلت: أين المسجد وأديت الصلاة؟ لماذا لا تقف في أي حديقة وتضع سجادتك وتصلي؟ أليس لك مبدأ وشخصية؟ لماذا ننساق معهم في كل شيء حتى فيما يتعارض مع ديننا؟ كثير ممن يسافرون يخجلون من أداء الصلاة أمام الناس أو لبس الحجاب خشية من الناس؟ لماذا حين يسافر الكثيرون ينسلخون من أهم مبادئهم هنا وبسرعة هائلة يلبسون مبادئ الآخرين كما هي دون أي استقلالية؟ هل يعلم كل هؤلاء أن الآخرين يُعجبون بمن يستقل بشخصيته؟ لذلك يلاحظون كل تصرّفاتنا خاصة التي تختلف عنهم في ديننا وتقاليدنا بل ويحترمونها.. هل رأينا أجنبية حين جاءتنا لم تلبس العباءة؟ هل يعلم هؤلاء على سبيل المثال في الفاتيكان لا يمكن أن تقام أي شعائر غير المسيحية؟ لأنهم أصحاب مبدأ، لماذا لا يكون لنا مبدأ ولا ننساق بل ننجرف مع الآخرين، لماذا لا يكون لي مبدأ وأقول لن أشاهد مسلسلات القبح والبؤس في رمضان؟ وإن شاء الله لن أشاهدها بعده أيضاً، يقول أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب «رضي الله عنه»: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).. فهل أصبحنا أصحاب مبدأ؟ ولنعلم جميعا أننا نمتثل لرسالة من خير البشر، عليه الصلاة والسلام، صاحب أفضل وأصحّ مبدأ حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فهو نعم المبدأ ونعم صاحبه ونعم من تبعه.. اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه، وتقبل سائر طاعاتنا واغفر لنا واشف مرضانا وارحم موتانا وانصر المسلمين في كل مكان.. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة.. في أمان الله .