في أحيانٍ كثيرة (جلدنا) هنا في هذه الزاوية «أنا وقرائي الكرام» كثيراً من الجهات المختلفة وانتقدناها بكل ما أوتينا من قوة، وفي أحيان أقل قدَّمنا الشكر والثناء لنفس الجهات أو لغيرها، إلا أننا لم نجلد ذاتنا في أشياء كثيرة، فنحن نطالب بكثير من الأمور كالرعاية الصحية وتحسين الشوارع والطرقات والتعليم، وخفض الغلاء، ومراقبة السلع وأسعارها، وكل هذه حقوق ومطالبات مشروعة.. ولكن ماذا على المستوى البسيط ومستوى الفرد، هل يقوم هو بالحقوق الواجبة عليه تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتجاه الصالح العام، أم أنه عكس ذلك تماماً.. فنصدر الفوضى ونطالب بالتنظيم؟ وهل نملك أقل المستويات المطلوبة من تأدية ما علينا من حقوق وواجبات وأدبيات؟! هناك أخطاء كبيرة مثلاً على أجهزة المرور ولكن الخطأ الأول علينا في القيادة السليمة الصحيحة وعدم هضم حقوق الآخرين وأعتقد أننا نملك أقل معدل للقيادة الصحيحة السليمة بين دول الخليج، وكذلك تجاوز من اليمين ووقوف خاطئ و(دعس)على خطوط المشاة وانعطاف مفاجئ.. وحدِّث ولا حرج. قبل كل ذلك الأشياء البسيطة النظامية التي نمارسها في حياتنا اليومية تعجّ بالفوضى في المطاعم والمحلات التجارية والأسواق، فتجد الناس يقفون جميعاً ويطلبون جميعاً في آن واحد، وتتداخل أصواتهم وطلباتهم (يا أبو الشباب.. يا محمد.. يا الطيب..) .. قد تتحدّث إلى البائع في أحد المحلات، ثم بكل بساطة (يخطم) عليك شخص ما ويقطع حديثك ويتكلم مع البائع، ولا كأنك موجود، أو أن تجلس في أحد الأماكن العامة وتجد شخصاً يتحدث بجواله بأعلى صوت ويعيّشك جو المكالمة تماماً دون احترام ومراعاة للآخرين بل إنها في بعض الأحيان مكالمة في غاية الخصوصية أو من يجلس بطاولة قريبة منك في أحد المقاهي ويضحك ويقهقه وكأنه وحده في ذلك المكان. أي تنظيم لابد أن يبدأ من الداخل ثم ينتقل إلى الخارج ولا يمكن أن يكون العكس، لابد من وقفة مع النفس، وكما «نتشطر» في انتقاد الآخرين يجب أن ننقد أنفسنا ونبدأ بالتصحيح.نطالب بأن نعود إلى زمن الكرة السعودية الجميلة ونطالب بالحياد الإعلامي ودوري قوي وبُعد عن العنف والخشونة، ونحن أول من يمارس التعصُّب في مجالسنا وأطروحاتنا وزوايانا الإعلامية.. وأخشى أن أكون أنا منهم، بل أظنني كذلك، وإعلام رياضي متناحر صاخب وقنوات تتنافس على تقديم كل (هشّ) و(تافه) يومياً وتكرار للاخبار دون تميّز إلا في الصراعات والمهاترات في أوروبا تجد مباراة بين أشد المتنافسين وحين يخرج لاعب مميّز يصفق له الجمهور المنافس قبل جمهوره ويقفون له احتراماً.. أما نحن ف(نصفق) بعضنا البعض حتى مع تشجيع الفريق الواحد. في المجتمعات الأخرى وبالذات غير العربية هناك تنظيم عال حتى على أقل المستويات كباراً وصغاراً، شباباً وشيباً، فتجد النظام حتى عند محلات الخبز وعربات الأيس كريم وما أن يقف أي شخص إلا ويقف افتراضياً خلفه بقية المنتظرين بكل تلقائية.. هذا كما قلت في محلات الخبز وعربات الأيس كريم فما بالكم بالمصالح الحكومية والبنوك والشركات وغيرها؟! أي تنظيم لا بد أن يبدأ من الداخل ثم ينتقل إلى الخارج ولا يمكن أن يكون العكس، لابد من وقفة مع النفس وكما «نتشطر» في انتقاد الآخرين يجب أن ننقد أنفسنا ونبدأ بالتصحيح.. بإذن الله ألقاكم الجمعة المقبلة. اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه وتقبل صالح أعمالنا، واشف مرضانا وارحم موتانا واعز الاسلام والمسلمين.. في أمان الله. [email protected]