في العناوين وفي سجلات محققي الشرطة فإن الإرهابي النرويجي أندرس بهرينغ برييفيك، وهو أحد غلاة الدينية القومية الصاعدة، هو المسئول عن مقتل 76 شخصاً وجرح عشرات آخرين في النرويج يوم الجمعة الماضي. وارتكب المذبحة لأن يعاني من لوثة تطرف مركبة، تطرف ديني (ضد المسلمين) وتطرف قومي (ضد المهاجرين). ولكن الحقيقة، وبعكس سجلات الشرطة، فإن برييفيك ليس وحده هو المنفذ للجريمة. المنفذون كثيرون، ومنهم حزبيون وكتاب ومفكرون ومتزمتون دينيون، فهم الذين أعدوا المسرح وشكلوا الذهنية ونشروا «فوبيا الإسلام» في الأوساط المتطرفة، ونشر السياسيون اليمنيون الكره للمهاجرين. وما قام به برييفيك لا يتعدى أنه اشترى متفجرات وضغط على الزناد. وقد انتجت آلة الغلو الاسكتندناوية ما يعرف ب«موسيقى القوة البيضاء» التي تحاول المساعدة في مصادرة العقل الاسكتندناوي الحر لصالح الحركات الظلامية اليمنية المتطرفة. وبعد أن صعد اليمين المتطرف في السويد من بروزه في الشارع في نهاية القرن الماضي تدخلت الحركة المستنيرة لتواجه الظلام، واستطاعت منع اليمين من الهيمنة على مساحات أكثر من العقل السويدي. ويقول ويروي الصحفي يوري مادسلين عن الكاتب السويدي الراحل ستيج لارسن، وصفه لليمين المتطرف النرويجي بأنه فوضوي ورث وخطير. المنفذون كثيرون، ومنهم حزبيون وكتاب ومفكرون ومتزمتون دينيون، فهم الذين أعدوا المسرح وشكلوا الذهنية ونشروا «فوبيا الإسلام» في الأوساط المتطرفة، ونشر السياسيون اليمينيون الكره للمهاجرين. وما قام به برييفيك لا يتعدى أنه اشترى متفجرات وضغط على الزناد.والإرهابي برييفيك ليس انتاجاً جديداً أو خارج سياق التاريخ، ففي القرن التاسع شنت قبائل «اسكندناوه» حملة دموية همجية على غرب أوروبا، فأحلت الخراب والدمار في المدن الأوروبية، ونهبت الأديرة والكنائس وكان البشر يقتلون كالذباب. وأمضى الناس لياليا طوالا يقنتون في صلواتهم «اللهم أنقذنا من شر أهل الشمال». كما أن الفاكينج الاسكندناويين قد امتهنوا القرصنة في البحر والبر للأرتزاق، وكانوا «يرون الحرب أقل مشقة من زراعة الأرض» كما يقول ول ديورانت. وفي مناسبات قرن الأسكندناويون العنف القومي بالعنف الديني والأوهام، فقد قاد سجورد جوراسلفار ملك النرويج حملة صليبية منذ عام 1107م حيث وجد أن تقتيل المسلمين في فلسطين أكثر تقوى وأرضى للنفس والرب من قتل الرهبان في الأديرة الأوروبية. وقيل أن برييفيك يمجد فرقة «فرسان المعبد»، وهي فرقة دومنيكانية صليبية إجرامية مارست القتل الحاقد في فلسطين لعشرات السنين. وتحولت إلى حركة تمرد مسلحة في أوروبا. تتكون «استكندناوه» (اسكتندنافيا)، في أقصى شمال الأرض، من السويد والنرويج وفنلنده و«الدنمرقة» (الدنمارك)، وبعد أن كانت تزود أوروبا بالكوابيس الإرهابية الهمجية لقرون طوال إلا أنها الآن من أفضل البلدان التي يسود فيها القانون وتحترم فيها حقوق الإنسان. ولكن التطرف لا هوية له، والغلو الديني أو الوطني أو القومي تعاني منه كل أمم الأرض، وهو نبت خبيث ينمو في كل أرض. اللهم أنقذنا من شر أهل شمال الشمال. *وتر اتسمع.. هذه الأهازيج في رياض الخزامى.. إذ تبتهج أنقاء السرو والجهام، وتطرب الثميلة لأناشيد السرى العابرين. وتشدو الدهناء بصباحها الوضيء. [email protected]