كان الاتحاد الدولي لكرة القدم يحظى باحترام الجميع على أيام الرئيس السابق لاتحاد اللعبة الشعبية الاولى في العالم، البرازيلي جواو هافيلانج وذلك لأن «الفيفا» كان يتعامل مع الدول الغنية والفقيرة المنضوية تحت لوائه على حد سواء ولم يسمح للمال أو النفوذ ان يجد طريقه داخل أروقة الفيفا، بدليل أن دولا مثل البرازيل والأرجنتين التي تعد من الدول الفقيرة قياسا بباقي دول أوروبا تتربع على عرش امبراطورية الفيفا. العدالة والشفافية التي يتعامل بها « الفيفا « الذي تم تأسيسه في 21 مايو من العام 1904 في باريس ويضم 207 اتحادات كرة قدم في العالم، لم يعد لها وجود وتبدل الحال تماما وبدأت صورة الفيفا تهتز مع قدوم السويسري سيب جوزيف بلاتر العام 1998، الذي لا يبدي اهتماما بزيادة المتعة الكروية التي كان آخر عهد للجمهور بها برحيل هافيلانج من رئاسة الفيفا، حيث ان بلاتر لا يولي اهتمامه بتطوير اللعبة بقدر اهتمامه بزيادة المداخيل المالية للفيفا من جراء تسويق وبيع مباريات البطولات التابعة للاتحاد الدولي. غياب الشفافية والمساواة لم تكن العائق الوحيد الذي افقد الفيفا مصداقيته في مختلف دول العالم، بل هناك ايضا مشاكل اخرى ظهرت على السطح في عهد بلاتر لم يكن لها وجود يذكر في عهد سلفه هافيلانج، ألا وهي التدخلات الحكومية في شئون اتحادات كرة القدم المحلية وايقافه للاتحاد النيجيري عقب كأس العالم 2010 بسبب حل الحكومة لاتحاد كرة القدم في البلاد بعد الفشل في كأس العالم قبل ان توقف الحكومة النيجيرية تدخلاتها ويتراجع الفيفا عن تجميد نشاط الكرة في البلاد. الصمت العربي المطبق يكشف المؤامرة وسكوت الرجل الشرس يثير الدهشة أيضا هناك مشاكل التلاعب في نتائج المباريات التي لم يستطع بلاتر التصدي لهذه المشكلة أو الحد منها على أقل تقدير. اكبر المشاكل التي أساءت لسمعة الفيفا هي قضية القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الاسيوي والتريندادي جاك وارنر الذي استقال من منصبه كنائب لرئيس الاتحاد الدولي ورئيس اتحاد الكونكاكاف مما دعا الفيفا الى انهاء التحقيقات ضده بشأن مزاعم تقديم رشاو مع الابقاء على «افتراض البراءة». بينما قرر الفيفا ايقاف محمد بن همام، مدى الحياة لاتهامه بتقديم رشاو قبل الانتخابات لمنصب رئيس الفيفا التي جرت في الاول من يونيو الماضي، أوقف بن همام عن اي نشاط رياضي على المستوى الوطني او الدولي مدى الحياة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو لماذا انقلب بلاتر على بن همام وهو الذي ساعده كثيرا لخلافة هافيلانج في رئاسة الفيفا وكان احد المقربين إليه داخل الاتحاد الدولي للفيفا؟ ولماذا حدث الخلاف بينهما على الرغم من ان بلاتر كان يحظى بدعم بن همام؟ الواضح للعيان ان اصدقاء الامس تحولوا لأعداء اليوم بعد اتخاذ بن همام قرارا بالترشح لرئاسة الفيفا وهو المعروف عنه فراسته ودراسة خطواته بتأن قبل ان يقدم عليها، ومن رابع المستحيلات ان يكون بن همام قد اتخذ قرار الترشح فجأة دون ان يحسب لهذا القرار الف حساب، ولماذا لم ينتظر حتى تنتهي ولاية بلاتر الرابعة حتى يعلن ترشيحة كمرشح جديد لرئاسة الفيفا. الغريب في الأمر هو حالة الصمت المطبق للعرب حيث اتضح جليا ان ما تعانيه البلدان العربية من تمزق وخلافات هو نفس الحال الذي تعاني منه الرياضة ايضا حيث لم يلق بن همام أي دعم من القيادات العربية بالدفاع عنه لتبرئة ساحته بل كان هناك صمت غريب وكأنه موافقة. ولم يعانِ بن همام من حالة الصمت العربي الرهيب فقط بل لم يجد ايضا أي دعم قاري مما يعني ان هناك حالة من تصفية الحسابات الشخصية مع بن همام. والمعروف عن بن همام انه رجل أنجز الكثير خلال رئاسته للاتحاد الاسيوي, وطور بطولة دوري ابطال آسيا, ومنح الكرة الاسيوية الفرصة للتواجد في المحافل الدولية وايضا رفع من شأن التحكيم الاسيوي بتواجد أكثر في كأس العالم. وكان محمد بن همام يطمح من وراء ترشحه لرئاسة الفيفا إلى ضمان الفرص لكل الاتحادات الكروية المنضوية تحت راية الاتحاد الآسيوي للتطوّر، ووعد بالعمل على تدعيم وتوثيق روابط الصداقة والتضامن بين أفراد العائلة الكروية الآسيوية خلال فترته الرئاسية. 1998 بداية انحدار الاتحاد الدوليوتعيش الكرة الآسيوية أصعب ايامها منذ اتخاذ القطري محمد بن همام قراراً بترشحه لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» ضد السويسري جوزيف بلاتر وهو القرار الذي فتح ابواب جهنم على الرجل الذي وصف دائماً ب «الشجاع» مما حتّم عليه ان يواجه عاصفة الاتهامات التي وجّهت إليه منذ ترشحه لرئاسة الفيفا، والمتمثلة في تقديم رشاو لمسئولين بالفيفا لضمان منح اصواتهم لهم في الانتخابات التي اجريت في يونيو الماضي الامر الذي ادى الى ايقافه عن أي نشاط كروي محلي او دولي مدى الحياة وهو الامر الذي اضطر معه بن همام للاستئناف ضد القرار سعيا لتبرئة ساحته. لكن السؤال المحير للجميع هو لماذا لم يدافع عن نفسه والتزم الصمت الى الآن وهو المعروف عنه شراسته في جميع المعارك التي يخوضها، هل كان كبش فداء لأمر ما؟ وهل سيتكلم في الوقت المناسب ويكشف جميع الحقائق؟ وهل فعلا يتعرض لمؤامرة؟ وهل بدأت امبراطورية الفيفا تأخذ منحى سياسيا كما هو الحال في منظمات دولية أخرى؟