تجرى انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم، اليوم في زيوريخ خلال الجمعية العمومية للفيفا وسط أجواء مشحونة وفضائح رشوة واتهامات متبادلة قلما شهدتها أكبر مؤسسة كروية في العالم، ومن المنتظر أن يتم تزكية بلاتر ليكون رئيسا للفيفا لولاية جديدة، دون وجود منافس له. وسبق للاتحاد الدولي أن شهد أزمات خصوصاً في السنوات الاخيرة لكنها تكاد تكون المرة الاولى في تاريخ هذه المؤسسة التي ابصرت النور في مايو عام 1904 التي ينشر فيها الغسيل بشكل فاضح بين أصدقاء الامس الذين تحولوا الى أعداء اليوم خصوصاً انها طالت 10 من أعضاء اللجنة التنفيذية. ولعل ترشح القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الاسيوي، لرئاسة الاتحاد الدولي في مواجهة الرئيس الحالي السويسري جوزيف بلاتر الذي انتخب عام 1998 خلفاً للبرازيلي جواو هافيلانج، كانت الشرارة الاولى لما يشهده حالياً بيت الفيفا المطوق بنيران الازمة من كل حدب وصوب والتي تهدد بهدم هذا المنزل بمن فيه، خصوصاً أن المعركة بينه وبين بلاتر كانت متقاربة في الايام الاخيرة بعد ان ادرك الاخير أن أغلبية أصوات الكونكاكاف قد تذهب باتجاه رئيس الاتحاد الاسيوي ما قد يرجح كفته. وشهدت الايام الأخيرة مفاجآت وتقلبات كثيرة بدأت الاربعاء الماضي عندما قررت لجنة الاخلاق التابعة للفيفا فتح تحقيق مع ابن همام وجاك وارنر رئيس اتحاد الكونكاكاف (امريكا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي) بتهمة رشوة بعض اتحادات الاخير في الاجتماع الذي اقيم في بورت اوف سباين يومي 10 و11 مايو الحالي. وتعود القضية الى التصريحات التي أدلى بها الامريكي تشاك بلايزر عضو اللجنة التنفيذية للفيفا والأمين العام للكونكاكاف، الى الامين العام للاتحاد الدولي جيروم فالكه بخصوص “احتمال خروقات” لقانون الأخلاق ارتكبت من قبل بعض مسؤولي الهيئة الكروية الدولية، وذلك وفقاً لفرانس برس. وكان بلاتر ندد بالخصوص باجتماع للاتحاد الكاريبي الذي نظم بمشاركة وارنر وابن همام في 10 و11 مايو الماضي. هذا الاجتماع كان يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة للفيفا. وعلى إثر فتح لجنة الأخلاق تحقيق بحق ابن همام سارع الاخير الى إصدار بيان يطالب به بفتح تحقيق ايضاً مع رئيس الفيفا جوزيف بلاتر وجاء فيه “بما ان الاتهامات تضمنت اسم الرئيس الحالي جوزيف بلاتر، فإن محمد بن همام يطالب بأن تشمله التحقيقات”. وأضاف “الاتهامات تتضمن أقوالاً أن بلاتر كان على علم بعمليات الدفع المزعومة لبعض المسؤولين في الاتحاد الكاريبي ولم يعارض هذا الامر”. وبالفعل استدعت لجنة الأخلاق بلاتر للمثول أمامها ايضاً برفقة ابن همام ووارنر. وصبيحة الاحد الماضي، استيقظ الجميع على وقع مفاجأة انسحاب ابن همام من السباق الرئاسي في اليوم ذاته الذي كان يتعين عليه الخضوع للاستجواب امام لجنة الاخلاق. وصدر الحكم من لجنة الاخلاق بوقف ابن همام ووارنر شهراً بانتظار استكمال التحقيق معهما، في حين برأت ساحة بلاتر الذي باتت الطريق معبدة امامه للظفر بولاية رابعة. بيان رسمي ورفض ابن همام الحكم الصادر به وقرر استئنافه وجاء في بيان رسمي اصدره “يرفض محمد بن همام القرار الصادر من قبل لجنة الاخلاق وهو يطالب بشكل عاجل النظر في الاستئناف الثلاثاء في 31 مايو والعودة عن قرار وقفه مؤقتاً قبل مؤتمر الاتحاد الدولي المقرر في الاول من يونيو”. وأضاف البيان “هناك العديد من الاسئلة الاخرى: ما النقاشات التي تمت بين مختلف أعضاء لجنة الاخلاق وكيف توصلت هذه اللجنة الى قراراتها؟ هناك العديد من الاسئلة الأخرى التي يجب الاجابة عنها واعتماد أكبر قدر من الشفافية”. وقال بن همام “الطريقة التي تمت فيها الإجراءات لا تمت بصلة الى مبادئ العدالة. لقد تمت معاقبتي قبل أن توجه التهمة اليّ. لدي شعور بأن نتائج التحقيق تم الاتفاق عليها قبل بداية جلسة الاستماع”. وأضاف بن همام “هذا الامر ليس مقبولاً على الاطلاق لأنه من المفترض ان تكون لجنة الاخلاق هيئة مستقلة وبالتالي أتوقع ان تخضع التحقيقات المقبلة للتأثير والتلاعب”. هدوء العاصفة وبدوره، قام وارنر الذي وعد بتسونامي سيهز عرش الفيفا، بشنّ هجوم مضاد على بلاتر عندما اتهمه بدفع مبلغ مقداره مليون دولار هبة لاتحادات الكونكاكاف في المؤتمر الذي عقده الاخير في ميامي في 3 مايو الماضي. وكشف وارنر “في ميامي في 3 مايو قام بلاتر بتقديم هدية قيمتها مليون دولار الى الاتحادات للتصرف بها كما تشاء”. وأوضح “اثارت هذه الخطوة اعتراض ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي الذي كان موجوداً في ميامي وانتقد هذه الخطوة وتطرق الى الموضوع مع فالكه مؤكداً له أن بلاتر لا يحق له التصرف بهذا الامر من دون العودة الى اللجنة المالية، لكن الاخير قال لبلاتيني (سنقوم بتأمين المبلغ لبلاتر)”. ولم يسلم أمين عام فيفا فالكه من هجوم وارنر فكشف الاخير رسالة إلكترونية يتهم فيها الاول دولة قطر بشراء كأس العالم 2022 وجاء في مضمون الرسالة “بالنسبة الى محمد بن همام، لا ادري لماذا ترشح لخوض الانتخابات. هل فعلا يدرك أن لديه الحظوظ او أنها طريقة لأنه لم يعد يرغب ببقاء جوزيف بلاتر. ام انه يعتقد بأنه يستطيع شراء الفيفا كما اشتروا (القطريون) كأس العالم”. واضطر فالكه الذي يتردد بأن مصيره بات على كف عفريت الى إصدار بيان نفى فيه ان يكون اتهم قطر بشراء مونديال 2022، واعترف بما نسب اليه من كلام مختبئاً خلف “لهجة اقل حدة” استخدمت في مراسلة كانت وراء الجدل القائم في هذا الشأن. ودافع فالكه عن نفسه قائلاً “نشر السيد وارنر مراسلة بعثت بها اليه. قد اكون استخدمت فيها لهجة اقل حدة وغير صريحة. كنت اريد الحديث عن القدرة المالية لقطر، ولم اكن في حال من الاحوال ألمح الى شراء الاصوات”. وختم فالكه “أكرر الآن ان لجنة الاخلاق التابعة للفيفا لم تفتح اي تحقيق بخصوص اسناد مونديال 2022” الى قطر.