لم تكن حياة العم محمد العوض قبل التقاعد، كما هي بعده، بحسب أفراد أسرته، الذين أكدوا أن هناك تغييرات فسيولوجية ونفسية واجتماعية عدة، طرأت عليه منذ اليوم الأول لتقاعده ومكوثه في البيت، محذرين من أن التعامل الخاطئ مع المتقاعد، وعدم فهم نفسياته، قد يربك وضع الأسر.وخلصت الدراسات إلى أن المتقاعد يحتاج إلى أسلوب خاص جداً، للتعامل معه، حتى لا يشعر أنه أصبح بلا فائدة، أو أنه عالة على أفراد أسرته، بعد سنوات عدة من العمل والجد والاجتهاد، وهنا رصد كامل لأوضاع المتقاعدين وحكاياتهم وقصصهم بعد التقاعد.. بعض الاستثمارات وذكر فهد بن سعد إن «والدي كان قبل التقاعد رجلا هادئا حنونا علينا، خاصة على أخواتي الصغار، وكان منظماً، يحب عمله ويحب كل شيء أن يسير بنظام»، مستطرداً «لكن بعد التقاعد تغيرت الحالة المزاجية له، وشعر بفراغ كبير، حيث أنه و للأسف لم يستثمر المبلغ الذي خرج به من التقاعد في بعض الاستثمارات التي تشغل وقت فراغه، فأصبح الآن يقوم بتصليح كل شيء في المنزل، من كهرباء وسباكة وغيرها، بعد أن كان في السابق يبحث عن عامل لإصلاحها، نظراً لانشغاله، على الرغم من معرفته بكيفية إصلاحها»، مضيفاً «ذهب والدي إلى أبعد من ذلك، فإذا وجد أحد الجيران يقوم بإصلاح شيء معين في منزله، يقوم بمساعدته دون أي مقابل، في محاولة منه لقتل وقت الفراغ»، مشيراً إلى «تغير حالة الهدوء التي كان يتصف بها والدي، إلى حالة غضب، حيث أصبح يغضب من أتفه الأشياء، ولا يعجبه شيء، ولم يعد يهتم بأخواتي الصغار، أو يسأل عنهم»، مؤكداً «أستطيع القول إن حالة الوالد تغيرت بدرجة 180 درجة، والمشكلة أنه لا يحب السفر ونطلب منه السفر لتغيير مزاجه، وفي كل مرة يرفض، بل يرفض النقاش في فكرة السفر».
والدي أصبح عصبياً أكثر من اللازم، ولا يقبل الانتقاد أو التعليق»، موضحاً «أما عن تصرفاته خارج المنزل، فلم تزل كما كانت، يعتد برأيه، ولكن لا يتعصب له، وإذا خرج لتلبية دعوة، أو ذهب لأحد المجالس، يعود منه منشرح الصدر». داخل المنزل ويتصف والد علي حسين بأنه من وجهاء العائلة والبلدة، ويقول الابن: «كان يزن تصرفاته، سواء في داخل المنزل أو خارجه، وكان صاحب رأي سديد ونظرة بعيدة المدى، يستشيرنا في كل صغيرة وكبيرة، ويأخذ برأينا»، مضيفاً «في الصباح، كان مشغولاً بالعمل الرسمي، وفي المساء، مشغول بالمزرعة، أما في الليل، فينام في وقت مبكر، للاستيقاظ مبكراً من أجل الصلاة، لأنه من المحافظين على الصلوات، أما بعد التقاعد، فتغيرت حالته، فأصبح مهتماً أكثر بالصلاة، فتجده أول من يذهب للمسجد و آخر من يخرج منه، ويدعونا أن نكون مثله، ونعتاد على الصلاة في المسجد»، مبيناً «أما الذي تغير وبشكل كبير، هو أنه لم يعد يأخذ برأينا، وإذا تناقشنا معه في موضوع معين، نجد أنه يصر على رأيه، ويرى اننا جميعاً على خطأ، بعكس ما كان عليه قبل التقاعد، كما أنه أصبح عصبياً أكثر من اللازم، ولا يقبل الانتقاد أو التعليق»، موضحاً «أما عن تصرفاته خارج المنزل، فلم تزل كما كانت، يعتد برأيه، ولكن لا يتعصب له، وإذا خرج لتلبية دعوة، أو ذهب لأحد المجالس، يعود منه منشرح الصدر». كبار السن أما محمد عبدالله فقال إن «والدي في بداية تقاعده، كان عصبياً جداً، وعشنا شهوراً عدة، وهو في حالة عصبية كبيرة، بعدها صار يلتزم بجدول، ففي الصباح، يذهب لأحد المجالس إلى قبل صلاة الظهر، وفي العصر يذهب للمزرعة، ليشرف على العمل هناك، بعدها يذهب ليجلس مع كبار السن حتى صلاة المغرب، ويتوجه مباشرة للمسجد للصلاة جماعة، بعدها يذهب للمنزل، ويجلس مع أبنائه وأحفاده، وفي أحيان كثيرة، يكون في المساء مشغولاً». الاستماع للشكوى ويقول خالد عبدالعزيز «أصبح والدي بعد التقاعد سائقاً لأخواتي لتوصيلهن للمدارس أو المستشفيات أو الأسواق، ولا يشهد يومه بعد التقاعد أي أوقات للفراغ، بل أصبح يتمنى أن يكون على رأس العمل، حتى لا يقضي هذه المشاوير المتعبة في وجهة نظره»، مضيفاً «كان في أكثر من مرة يصرح أمامنا وأمام أخواتي أن عمله الرسمي أفضل له من هذه المشاوير، التي يقضيها، وكانت أخواتي يعرفن أن هذه إشارة لهن، بأنهن أتعبنه، ولكن كن يتعمدن عدم الاستماع للشكوى».
عبدالله: استفدت من والدي بعد تقاعده بواسطة العمل وقال عبدالله أحمد إن والده «طلب مني بعد أن تقاعد من التعليم، أن يكون محاسباً في محلي، وأن يشرف على العمال في المحل دون راتب»، مضيفاً «في بداية الأمر، ترددت كثيراً، ولكن بعد مشاورات مع الكثير ممن أثق في استشارتهم، وبعد أن سمعت الكثير من الكلام عن المتقاعدين، وبعضه مخيف، وافقت على طلب الوالد، وقلت له بأنني سأعطيه راتباً، ولكنه رفض الراتب، والآن أنا سعيد جداً ، حيث يقوم بالعمل على أكمل وجه، و لو وضعت أحداً غيره، لما قام بالعمل الذي يقوم به»، موضحاً «سعادتي تكمن في أنه يقضي في العمل وقتاً يشعر فيه بوجوده، وصار أسلوبه وتعامله معي ومع أشقائي، مثالياً، لم يتغير أبداً، فلا زال الأب الذي يحن على أبنائه ويتعامل معنا بما معنى الحب والرأفة». ويتحدث حسين محمد عن والده قائلاً «تقاعد منذ سنة، ومن أول يوم على تقاعده، بدت عليه العصبية، حيث يغضب بسرعة لأي سبب من الأسباب، على غير عادته، وإن كان هذا الغضب ليس مبالغا فيه أو بشكل دائم، ولكن بدأ يظهر على الوالد»، موضحاً «أنه بدأ يهتم كثيراً بصحته وذلك من خلال ممارسته الرياضة وتركيزه على الغذاء الصحي، حيث امتنع عن تناول الحلويات بأنواعها و الأكلات الدسمة، وبدأ يقرأ كثيراً عن الغذاء الصحي في النت، ويركز على القراءة كثيرا في الجريدة، إذ كان قبل التقاعد يقرأ العناوين فقط».