يتقوقع أهالي الإسكان التنموي، القريب من بلدة الجرن بمحافظة الأحساء، داخل بيوتهم مجبرين، تشرئب أعناقهم بحثاً عن نسمة هواء «شاردة» في الفضاء الواسع، فلا يجدون إلا كتلاً أسمنتية، تحجب الرؤية، ومعها «الأمل» في غد أفضل، وتلهث عيونهم خلف أي منظر أخضر، فلا يجدون إلا كل ما يؤذي مشاعرهم، فيعودون إلى منازلهم، ويندمون على أنهم غادروها..ويضم الإسكان نحو 600 أسرة، محرومة من خدمات بلدية، توفر لهم المسطحات الخضراء، والحدائق العامة، والملاعب والمتنزهات لأطفالهم الصغار.. أمانة الأحساء ويتهم أهالي الإسكان أمانة الأحساء، بعدم الاهتمام بالجانب الزراعي وتشجير الشوارع والمسطحات الخضراء، وما كان منا إلا أن قمنا بجولة على الإسكان الميسر، لرصد المواقع والأماكن التي خصصت، لتكون حدائق، وهي الآن أراض بيضاء، ووجدنا أن الأطفال يلعبون بالحجر والطين، ويفتقدون الألعاب الحديثة، فهم بحسب سكان تائهون ما بين الإسفلت والطين، وينتظرون برودة الأجواء، وانخفاض درجة حرارة الإسفلت، حتى يبدأ يومهم باللعب خلال فترة المساء، بوضع الأخشاب والأحجار فوق الإسفلت. وجود حدائق ويقول المواطن ابو عايش: «الأطفال يبحثون عن اللعب في المواقع الخطرة، لعدم وجود حدائق رغم توافر المسطحات التي تنتظر زراعتها»، مضيفاً «كما تشاهدون الشوارع الداخلية أو الرئيسية والأرصفة، فهي المتنفس الوحيد للأهالي، لكن بوضعها الحالي، لا تستحق الجلوس بقربها، وننتظر دور الأمانة للقيام بمعالجة هذه الأخطاء»، موضحاً «بعض الأهالي ذهبوا للأمانة، مطالبين إياها بالعلاج، لكن لم يكن رد الأمانة شافياً، بحجة عدم وجود مصدر للمياه». الأشجار والمسطحات ويضيف أبو حيدر (ساكن) «أعتقد أن وجود الأشجار والمسطحات الخضراء التي يحتاجها الأهالي لطرد بعض الروائح الكريهة التي تأتي من بعض المزارع، شيء ضروري، ونحن ننتظر إقامة مشروع كهذا، وننتظر وقفة أمانة الأحساء، بعمل شبكة ري وزراعة الأماكن التي اعتمدت من قبل المؤسسة كموقع لحديقة، لتكون متنفساً للأهالي»، مؤكداً «الأطفال يفتقدون الملاعب، ويلعبون في أماكن غير مؤهلة وخطرة، تشكل تهديداً لهم من قبل الحشرات والزواحف، فهم معرضون للدغات السامة». اللعب بالشوارع وتقول أم زينب: «لا يوجد متنفس للرجال سوى الجلسات الخارجية بالقرب من المنازل، وهي أماكن غير مؤهلة بالمرة للجلوس والترفيه، كما أنها تشوه المنظر العام للشوارع»، مضيفة «نأمل من الأمانة أن توفر حديقة مكتملة المرافق، ذات مسطحات خضراء وألعاب للأطفال وجلسات للأسر، وإذا فعلت، ستحمي الأطفال من اللعب في الشوارع، ما يسفر عن هذا من مخاطر عدة، من بينها مصاحبة رفقاء السوء، واللعب في الخرابات التي تكمن بداخلها المخاطر»، مؤكدة «طالبنا كثيراً الأمانة بوضع الحلول لمثل هذه المشكلات، وخاطبنا المسئولين، ولا نعرف ماذا تم في هذه الشكاوى، وأطفالي يسألون متى يكون في حينا حديقة نلعب فيها». الأطفال يبحثون عن اللعب في المواقع الخطرة، لعدم وجود حدائق رغم توافر المسطحات التي تنتظر زراعتها، والشوارع الداخلية أو الرئيسية والأرصفة، هي المتنفس الوحيد للأهالي
دور الأمانة ويقول ابو مصطفى (أحد أهالي الإسكان التنموي): «لا أعرف سبب غياب دور الأمانة عن الاهتمام بالإسكان التنموي»، موضحاً «الأهالي لا يستطيعون بناء حديقة على حسابهم الشخصي، فالأرض مرتفعة الأسعار، وعمليات الإعداد والتجهيز مكلفة للغاية، يضاف إلى ذلك أن مصدر المياه غير متوافر»، مبيناً «أعتقد أنه يوجد بجانب الإسكان التنموي، قناة ري، بالإمكان التنسيق مع مسؤوليها لتوفير المياه، وري مشروع الاشجار، وتزيين الشوارع بالإسكان، فالمسألة هي تضافر جهود الدوائر الحكومية بالاحساء، وخاصة القطاع الشمالي». 600 أسرة ويكشف أبو عيسى (أحد السكان) أن عدد الأسر في الإسكان التنموي، يتجاوز 600 أسرة، وهي لا تنعم بأي رقعة خضراء أو مسطحات أو ملاعب لأطفالها»، متسائلاً «إلى متى ونحن ننتظر عطف المسئولين للاهتمام بالإسكان، وتزويده بالخدمات البلدية، التي كان من المفترض أن يزود بها قبل سنوات وسنوات»، مؤكداً «ليس من المعقول إسكان تنموي متكامل، لا تتوافر به حدائق، وهو شرط أساسي من اشتراطات إنشاء الأحياء، ومن أهم المرافق للساكنين، ومن المسئول عنها وهل تجد الأمانة صعوبة في توفير سيارات الري؟».
هيئة الري: إنشاء الحدائق داخل الأحياء ليس من مسئوليتنا وفيما رفضت أمانة محافظة الأحساء الرد على استفسارات أهالي الإسكان التنموي، بشأن عدم وجود خدمات بلدية داخل حيهم، أكدت هيئة الري والصرف في محافظة الأحساء أن إقامة الحدائق العامة في أي منطقة من مناطق المملكة، لا تقع تحت مسؤوليتها المباشرة، معلنة أن الأمانات هي القائمة على مثل هذه المشاريع.وذكر مصدر في الهيئة أن اختصاصها لا يتعدى المساهمة في توفير قنوات مياه صالحة، لري الحدائق والمسطحات الخضراء، تحت إشراف الأمانة نفسها، مضيفاً أن «عمليات الري، تتم عبر قنوات ري خاصة، توفر المياه المطلوبة لهذه المسطحات»، موضحاً أن «الآبار القريبة من الحدائق والمسطحات، تنتج مياهاً مخصصة لمياه الشرب، وليس لري الحدائق».وتم إرسال خطابات واستفسارات إلى أمانة محافظة الأحساء، وتلقينا وعوداً منها بالرد عليها، إلا أن هذا الوعد لم ينفذ حتى موعد النشر، وهو ما كانت الأمانة على علم به.